إنّ الذكر من أجل العبادات وأعظمها؛ فهو عبادة يسيرة لا تحتاج جهدًا ولا مالًا، ويقدر عليها كلّ مسلمٍ، وقد رتّب الله -تعالى- عليها ثوابًا عظيمًا، ومن أنواع الذكر: الاستغفار، ويأتي الاستغفار في اللغة من غفر، والغفر بمعنى التغطية والستر، والاستغفار طلب الغفران؛ أي طلب الستر، والاستغفار في الاصطلاح قريبٌ من معناه اللغوي، ويعني: الطلب والرجاء من الله -تعالى- أن يغطي الذنب ويستره بالعفو عنه،[١] وللمداومة على الاستغفار فضلٌ عظيمٌ، ومن فضله: سعة الرزق وبركته، وفيما يأتي حديثٌ عن فضل الاستغفار في جلب الرزق -بإذن الله-، وفضائل أُخرى للاستغفار، وصيغه المأثورة.


الاستغفار لجلب الرزق

جاءت النصوص الشرعيَّة على ذكر فضائل الاستغفار، ومن بينها فضله في تيسير الرزق وبركته، ومن شواهد ذلك ما يأتي:[٢]

  • قول الله -تعالى- على لسان نوح -عليه السلام- لقومه: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا).[٣]
  • المداومة على الاستغفار سببٌ لتفرج هموم الإنسان وما يمرّ به من كربٍ وضيقٍ، ولتيسير سبل وأسباب الرزق له من حيث لا يحتسب بإذن الله -تعالى-؛ فقد رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (من لزِم الاستغفارَ جعل اللهُ له من كلِّ ضيقٍ مخرجًا ومن كلِّ همٍّ فرَجًا ورزقه من حيث لا يحتسِبُ).[٤]
  • المداومة على الاستغفار سببٌ للمتاع الحسن في الدنيا؛ من عافية، ورزقٍ، وسعادة، كما جاء في قول الله -تعالى-: (وَأَنِ استَغفِروا رَبَّكُم ثُمَّ توبوا إِلَيهِ يُمَتِّعكُم مَتاعًا حَسَنًا إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤتِ كُلَّ ذي فَضلٍ فَضلَهُ).[٥]


فضائل أُخرى للاستغفار

إنّ الفضائل التي يجنيها المسلم من الاستغفار والمداومة عليه كثيرةٌ جدًّا، فغير أنّه سببٌ -بإذن الله- لتيسير الرزق والبركة فيه؛ فإنّ له فضائل وثمرات أُخرى تعود على المسلم في دنياه وآخرته، ومنها:[٢]

  • مغفرة الذنوب وتكفير السيئات: فالمسلم عُرضة للوقوع في الخطأ والذنب، وبالاستغفار يمحو ذنوبه، ويعفو الله -تعالى- عنه بإذنه وكرمه، قال تعالى: (وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّـهَ يَجِدِ اللَّـهَ غَفُورًا رَّحِيمًا).[٦]
  • دفع البلاء والنجاة من عقاب الله: فمداومة المسلم على الاستغفار تدفع عنه البلايا -بإذن الله-، كما أنّ الاستغفار يقي المسلمين من أن تحلّ بهم عقوبةٌ من الله -تعالى-؛ بدليل قوله تعالى: (وَما كانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فيهِم وَما كانَ اللَّـهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَستَغفِرونَ).[٧]
  • في المداومة على الاستغفار اقتداءٌ وتأسٍّ بالنبيّ: فقد كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يداوم على الاستغفار، رغم أنّ الله -تعالى- غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، كما جاء في قوله -عليه الصلاة والسلام-: (توبوا إلى اللهِ تعالى، فإني أتوبُ إليه كلَّ يومٍ مائةَ مرةٍ).[٨]


من صيغ الاستغفار

إنّ للاستغفار صيغًا مأثورةً عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ومن صيغ الاستغفار ما يأتي:[٩]

  • سيد الاستغفار: (اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي؛ فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ).[١٠]
  • (ربِّ اغفر لي، وتُب عليَّ، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ).[١١]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 252-253. بتصرّف.
  2. ^ أ ب محمد مهدي قشلان، مناجم الأسرار في فضل الاستغفار، صفحة 4-6. بتصرّف.
  3. سورة نوح، آية:10-12
  4. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:57، لا ينزل عن درجة الحسن وقد يكون على شرط الصحيحين أو أحدهما.
  5. سورة هود، آية:3
  6. سورة النساء، آية:110
  7. سورة الأنفال، آية:33
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:3005، صححه الألباني.
  9. صالح السدلان، ذكر وتذكير، صفحة 80. بتصرّف.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:6306، حديث صحيح.
  11. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1516، صححه الألباني.