ذكر الله تعالى

إنّ ذكر الله تعالى من أفضل القربات والأعمال الصالحات اليسيرة على كلّ مسلم، وقد حثّ الله تعالى عليه في مواطن كثيرةٍ، ومن ذلك قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلً)،[١] كما خصّ الله -سبحانه وتعالى- الذاكرين بالذكر في آياتٍ عديدةٍ منها قوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)،[٢] ومن الأذكار ما جاء عامًّا مطلقًا، ومنها ما جاء مخصوصًا بأحوالٍ وأوقاتٍ؛ كأذكار النوم، وأذكار ما بعد الصلاة ونحوهما،[٣][٤] وآتيًا حديثٌ عن ذكر: اللهم أعني على ذكرك، وشرحٌ لمعناه.


حديث اللهم أعني على ذكرك

روى معاذ بن جبلٍ -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه: "أخذَ بيدِهِ، وقالَ: يا مُعاذُ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّكَ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّك، فقالَ: أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ".[٥]


فالرسول -عليه الصّلاة والسّلام- يحثّ معاذ بن جبل -رضي الله عنه- وهو حثٌّ للمسلمين كلّهم على قول هذا الذكر، ومن العلماء من ذهب إلى أنّ محلّ قوله بعد السّلام من الصّلاة، ومنهم من قال: إنّ محلّ قوله قبل التسليم من الصلاة، ومفاد هذا الذكر ومعناه؛ سؤال الله تعالى ودعاؤه أن يعين العبد؛ أي يقويه ويمدّه بالقوّة منه بشرح صدره وتيسير أمره لذكر الله تعالى؛ بحيث يكون ذكر الله تعالى وتسبيحه دائمًا على لسانه وفي قلبه، وفي هذا الذكر توجّه لله أن يعين على شكره؛ وذلك بأن يكون قلب العبد عامرًا بالرضا عن الله ودائم الحمد لنعمه سبحانه وتعالى، وثمّ الدعاء بالإعانة على حسن العبادة؛ أي تمام الإخلاص لله تعالى فيها، والتجرّد التّام عند العبادة عن كلّ ما يشغل العبد عن الله سبحانه وتعالى.[٦][٧][٨]


فضل ذكر الله تعالى

إنّ لذكر الله تعالى فضلًا عظيمًا يعود على الذاكرين، ومن فضله ما يلي:[٣][٤]

  • أنّ ذكر الله تعالى سببٌ لطمأنينة القلوب؛ لما جاء في قوله تعالى: (الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّـهِ أَلا بِذِكرِ اللَّـهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ).[٩]
  • أنّ ذكر الله تعالى سبيلٌ لذكر الله تعالى لعبده الذاكر؛ لما جاء في قوله تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)،[١٠] وما رُوي في الحديث القدسي قول الله تعالى: "أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ".[١١]
  • أنّ ذكر الله تعالى سببٌ لمغفرة الذنوب وتحصيل الثواب؛ كما جاء في قوله تعالى: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).[١٢]
  • أنّ ذكر الله تعالى يجعل صاحبه من السابقين؛ لما روي عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه كان: "يَسِيرُ في طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ علَى جَبَلٍ يُقَالُ له جُمْدَانُ، فَقالَ: سِيرُوا هذا جُمْدَانُ سَبَقَ المُفَرِّدُونَ قالوا: وَما المُفَرِّدُونَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ".[١٣]

المراجع

  1. سورة الأحزاب، آية:41-42
  2. سورة آل عمران، آية:190-191
  3. ^ أ ب أمين بن عبد الله الشقاوي (08/01/2015)، "فضل الذكر"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 14/09/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب عبدالله بن حمود الفريح (20/02/2016)، "ذكر الله تعالى أنواعه وفضائله"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 14/09/2021. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم:1522، صحيح.
  6. الموسوعة الحديثية، "شرح حديث اللهم أعني على ذكرك"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 14/09/2021. بتصرّف.
  7. "محل قول دعاء: اللهم أعني على ذكرك وشكرك"، إسلام ويب، 14/02/2018، اطّلع عليه بتاريخ 14/09/2021. بتصرّف.
  8. عزمي إبراهيم عزيز (23/03/2015)، "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 14/09/2021. بتصرّف.
  9. سورة الرعد، آية:28
  10. سورة البقرة، آية:152
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7405، صحيح.
  12. سورة الأحزاب، آية:35
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2676، صحيح.