شهادة أن لا إله إلا الله

تُشترَط لشهادة الحقّ والتوحيد؛ وهي قول: "لا إله إلّا الله" عدّة شروط؛ كالعلم، واليقين، والصدق، والإخلاص، وغيرها، فهي الشهادة التي خلق الله -تعالى- الخَلْق من أجلها؛ إذ قال: "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أن لا إله إلا أنا فاعبدون"،[١] وهي رأس العبادة وجوهرها، كما أنّها مفتاح الجنّة التي وعدَ الله بها عباده المؤمنين، وهي أوّل أركان الإسلام والإيمان وأكثرها أهمية، وفيها نَفيٌ وإثبات؛ فلا معبود غير الله؛ من أصنام، أو أولياء، أو غيرهم، وإثبات أنّ الله هو الوحيد المُستحقّ للعبادة ولا شريك له أبداً، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الشهادة التي لا تعدلها شهادة، إن ارتكب الإنسان أحد نواقضها؛ كأن يتّخذ غير الله وليّاً، أو يتعامل بالسحر والشعوذة، أو يستهزئ بدِين الله أو شيء منه، أو غيرها، فقد خسر خُسراناً مُبيناً،[٢] وفي المقال الآتي بيانٌ لهذه الشروط والنواقض.


شروط لا إله إلا الله

تتعلّق بشهادة التوحيد عدّ شروط، وهي على النحو الآتي:[٣]

  • العلم: أي أن يعلم الإنسان بقلبه معنى ما نطق لسانه به؛ نَفياً لوجود آلهة غير الله -تعالى-، وإثباتاً لوحدانيّته -جلّ وعلا-؛ إذ قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "مَن ماتَ وهو يَعْلَمُ أنَّه لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، دَخَلَ الجَنَّةَ".[٤]
  • اليقين: أي عدم التشكيك في صحّة مدلولاتها، وعدم التردُّد فيها، فلا يعتمد على الظنّ فيها، بل يجب أن يكون الإنسان صادقاً وجازماً فيها لا تراوده أيّة شكوك أو احتمالات تُنافي جوهرها؛ فقد قال -تعالى-: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ"،[٥] كما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قوله: "...أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللهِ، لا يَلْقَى اللَّهَ بهِما عَبْدٌ غيرَ شاكٍّ فِيهِما، إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ".[٦]
  • القبول: أي أن يقبل معناها وما دلّت عليه يقيناً بقلبه ولسانه؛ حتى ينال الرضا والمنفعة والقبول من الله -تعالى-، وقد وصف الله -تعالى- حال مَن استكبر عنها ولم يَرضَها بقوله: "إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ، وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ".[٧]
  • الانقياد: أي أن يتمسّك بها ويُسلم وجهه لله -تعالى- مُوحِّداً ومُصدِّقاً، وقد وصفها -تعالى- بالعُروة الوُثقى، وذلك في قوله: "وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ".[٨]
  • الصدق: أي أن يتّحد قلب الإنسان ولسانه في إدراك معناها؛ فيؤمن بها في قلبه يقيناً جازماً، ويُصدّقها بلسانه قولاً ظاهراً؛ فلا يكون فيها كاذباً أو مُرائياً؛ قال -تعالى-: "أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ"،[٩] وقال -عليه الصلاة والسلام-: "ما مِن أحَدٍ يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِن قَلْبِهِ، إلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ علَى النَّارِ".[١٠]
  • الإخلاص: أي أن يكون توحيد الإنسان لله -تعالى- خالياً من جميع ألوان الشرك أو المُراءاة؛ قال -تعالى-: "أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ"،[١١] وقال رسوله الكريم -صلّى الله عليه وسلّم-: "أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتي يَومَ القِيَامَةِ، مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِن قَلْبِهِ، أوْ نَفْسِهِ".[١٢]
  • المحبّة: أي أن يُحبّ الإنسان هذه الشهادة، وما تتضمّنه من دلالات، وحُبّ مَن يعمل بها وبمضمونها، ويلتزم بشروطها، وتَرك مَن يناقض ذلك كلّه وبُغضُه؛ فقد قال -تعالى-: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ"،[١٣] بالإضافة إلى محبّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-؛ فقد قال: "لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن ولَدِهِ ووالِدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ".[١٤]


نواقض لا إله إلا الله

تتحدّد نواقض شهادة أن لا إله إلّا الله بالعديد من الأمور التي يصعب حصرها في هذا المقال، إلّا أنّ من أبرزها وأكثرها خطورة ووقوعاً ما يأتي:

  • أن يُشرك العبد في عبادته لله -تعالى- غيره؛ كالأصنام، والتوسُّل بالأموات والأولياء ودعاؤهم؛ قال -تعالى-: "إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ".[١٥]
  • أن يجعل الإنسان بينه وبين خالقه -عزّ في عُلا- وسائط يتوكّل عليهم، ويسألهم الشفاعة؛ قال -تعالى-: "وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ".[١٦]
  • أن يعتقد بصحّة مُعتقدات غير المسلمين ويؤمن بها.
  • أن يكره شيئاً ممّا جاء به النبيّ الكريم -صلّى الله عليه وسلّم-، أو يستهزئ به حتى ولو عمل به؛ قال -تعالى-: "قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ*لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ".[١٧]
  • أن يعتقد ويؤمن بأنّ ما جاء به غير النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أفضل ممّا جاء به هو، أو أن يُفضّل حُكم غير الرسول على حُكمه -صلّى الله عليه وسلّم-؛ قال -تعالى-: "فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا".[١٨]
  • أن يتعامل بالسحر، وما تفرّع منه وما تعلّق من أمور؛ قال -تعالى-: "وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ".[١٩]
  • أن يعتقد بجواز خروجه أو خروج غيره من شريعة نبيّ الله محمّد -صلّى الله عليه وسلّم-؛ قال -تعالى-: "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ".[٢٠]
  • أن يُعرض عمّا جاء به دِين الله -تعالى-، فلا يعمل به، ولا يتعلّمه؛ قال -تعالى-: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ".[٢١]
  • أن يُعادي الرُّسُل، أو الملائكة، أو يكذّبهم؛ قال -تعالى-: "مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ".[٢٢]
  • أن يكذّب بالقَدَر، أو ينفي جزءاً منه؛ كنَفي أنّ علم الله أزليّ، أو غيرها؛ قال -عليه الصلاة والسلام: "لاَ يؤمنُ عبدٌ حتَّى يؤمِنَ بالقدرِ خيرِهِ وشرِّهِ ؛ حتَّى يعلمَ أنَّ ما أصابَهُ لم يَكن ليخطئَهُ ، وأنَّ ما أخطأَهُ لم يَكن ليصيبَهُ"،[٢٣] أو أن يكذّب باليوم الآخر؛ قال -تعالى-: "قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ".[٢٤]
  • أن يُحرّف القرآن الكريم، أو يقول بتحريفه، أو حذف جزء منه، قال -تعالى-: "يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ"،[٢٥] أو أن يكذّب بالكُتب السماويّة التي أنزلها الله على رُسُله -عليهم الصلاة والسلام-.


المراجع

  1. سورة الأنبياء، آية:25
  2. موسى بن سليمان السويداء، "ما لا تعرفه عن كلمة التوحيد (( لا إله إلا الله محمد رسول الله ))"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 21/1/2021. بتصرّف.
  3. "شروط لا إله إلا الله"، الإسلام سؤال وجواب، 25/1/2001، اطّلع عليه بتاريخ 21/1/2021. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:26، صحيح.
  5. سورة الحجرات، آية:15
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:27، صحيح.
  7. سورة الصافات، آية:35-36
  8. سورة لقمان، آية:22
  9. سورة العنكبوت، آية:2-3
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:128، صحيح.
  11. سورة الزمر، آية:3
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:99، صحيح.
  13. سورة البقرة، آية:165
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:44، صحيح.
  15. سورة المائدة، آية:72
  16. سورة الأحقاف، آية:5
  17. سورة التوبة، آية:65-66
  18. سورة النساء، آية:65
  19. سورة البقرة ، آية:102
  20. سورة آل عمران، آية:85
  21. سورة السجدة، آية:22
  22. سورة البقرة، آية:98
  23. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:2144، صحيح.
  24. سورة يونس ، آية:45
  25. سورة المائدة، آية:13