إنّ ذكر الله تعالى من العبادات الجليلة التي حثّ الله تعالى عباده عليها، ورتّب عليها فضلًا عظيمًا، قال الله تعالى: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)،[١] ومن جملة الفضائل التي يحوزها الذاكرون: ذكر الله تعالى لهم، وآتيًا حديثٌ عن ذكر الله تعالى لعباده الذاكرين وكيفيّته.


كيف يذكر الله عبده؟

إنّ من فضائل الذكر التي يحوزها المسلم؛ ذكر الله تعالى له إذا ذكره، ودليل ذلك قوله تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)،[٢] وأمّا عن كيفيّة ذكر الله تعالى لعبده الذي يذكره؛ فقد جاء في الحديث القدسيّ من قوله تعالى: "أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً"؛[٣] فالحديث القدسيّ الشريف يفيد أنّ الله تعالى يكون في معيّة من يذكره، فإذا ذكر العبدُ اللهَ تعالى بالتسبيح أو التهليل أو غيرها من صيغ الذكر في نفسه؛ أي منفردًا عن الناس، ذكره الله تعالى بالمعونة والمغفرة في نفسه، وإن ذكر العبدُ اللهَ تعالى بين جماعةٍ من الناس -وهو المراد بالملأ- ذكره الله تعالى في ملأٍ أفضل وأعظم من الناس؛ ذكره الله في الملأ الأعلى، وهم الملائكة المقربون عليهم السلام؛[٤] فالله تعالى يجازي العبد ويكافيه بحسب عمله، وكيف يكون ذكر العبد لله تعالى وتقرّبه منه يكون ذكر الله تعالى للعبد، وفي ذلك حثٌّ على إكثار تقرّب العبد من الله تعالى بكثرة ذكره والمداومة عليه.[٥][٦]


من صيغ الذكر المشروعة

جاءت آياتٌ قرآنية كثيرةٌ وأحاديث نبويةٌ مختلفة على ذكر جملةٍ من صيغ الذكر التي يستحب للمسلم قولها، ومنها:[٧]

  • التهليل: وذلك بقول لا إله إلا الله، ويفيد توحيد الله تعالى ونفي الشريك له.
  • التسبيح: وذلك بقول سبحان الله، ومعنى التسبيح؛ تنزيه الله تعالى عن النقص.
  • التحميد: وذلك بقول الحمد لله، ويفيد الثناء على الله تعالى.
  • التكبير: وذلك بقول الله أكبر، ويفيد تعظيم الله تعالى.
  • الحوقلة: أي قول لا حول ولا قوّة إلا بالله.
  • الباقيات الصالحات: وهي الواردة في قول النبيّ عليه الصلاة والسلام: "لأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ ممَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ".[٨]
  • الاسترجاع: وهو قول إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
  • الصلاة على النبيّ.


فضل ذكر الله تعالى

إنّ لذكر الله تعالى فضائل عظيمةٌ يحوزها الذاكرون لها سوى ذكر الله تعالى لهم، ومن هذه الفضائل ما يلي:[٩][١٠]

  • الفوز بالأجر والثواب العظيم من الله تعالى.
  • طمأنينة القلب وانشراح النفس بذكر الله وتخلصها من الهمّ والغمّ.
  • الشعور بمعيّة الله تعالى واستحضاره في قلب المسلم الذاكر ممّا يورث استشعار مراقبته دائمًا.
  • طرد الشيطان والتخلّص من وسوساته.
  • سببٌ لجلب الرزق وتكثيره وبركته.


المراجع

  1. سورة الأحزاب، آية:35
  2. سورة البقرة، آية:152
  3. رواه البخاري، في صحيح بخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7405، صحيح.
  4. "معنى "الملأ الأعلى""، الإسلام سؤال وجواب، 20/06/1999، اطّلع عليه بتاريخ 28/10/2021. بتصرّف.
  5. الموسوعة الحديثية، "شرح حديث أنا عند ظن عبدي بي"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 28/10/2021. بتصرّف.
  6. "تفسير: (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون)"، الألوكة، 18/01/2017، اطّلع عليه بتاريخ 28/10/2021. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 227-235. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2695، صحيح.
  9. أمين بن عبد الله الشقاوي، "فضل الذكر"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 28/10/2021. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 2010.