أمر الله تعالى عباده بذكره جلّ وعلا، فقال في محكم كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}،[١] وقد وصف رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عبادة الذكر بأنّها أفضل الأعمال، فقال: (ألا أنبِّئُكم بخيرِ أعمالِكمْ وأزكاها عندَ مليكِكِمْ وأرفعُها في درجاتِكُم وخيرٌ لكم من إنفاقِ الذَّهبِ والورِقِ وخيرٌ لكم من أن تلقَوا عدوَّكم فتضربوا أعناقَهم ويضربوا أعناقَكم قالوا بلى. قالَ ذِكرُ اللَّهِ)،[٢] ويستعين المسلم في السير في حياته بذكر الله -عزّ وجلّ-، فيذكره عند المصاب مستذكراً قدرته على رفع المصيبة وجبر المصاب، ويذكره عند الفرح فيحمده ويشكره، ويذكره في قيامه وقعوده وخلواته، فيذكره عند قدرته وقوته، وعند الخطأ والزلل يستغفره، حيث قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّـهُ}،[٣][٤] وفي هذا المقال ذكر كيف يكون ذكر الله تعالى.


كيف يكون ذكر الله؟

يكون الذكر على ثلاث حالات:[٥][٦]


الذكر بالقلب واللسان معاً

وهو أفضل أحوال الذكر، وأعلى مراتبه،[٧] حيث يكون قلب العبد ولسانه منشغلين بذكر ربه جلّ وعلا، فينطق ذكر الله تعالى بلسانه، من أي نوع من أنواع الذكر، وبأيّ صيغةٍ من صيغه، ويستحضر ما يقوله لسانه في قلبه، ويتفكّر به، فيكون القلب قد وافق لسانه فيما يقول.


الذكر بالقلب

وهي المرتبة الثانية في أحوال الذكر، وهي أن يتفّكر ويتأمل العبد بالذكر في قلبه دون أن ينطق بها في لسانه، حيث قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "إنّما كان ذكر القلب وحده أفضل من ذكر اللسان وحده لأنّ ذكر القلب يثمر المعرفة ويهيج المحبة ويثير الحياء ويبعث على المخافة ويدعو إلى المراقبة ويزع عن التقصير في الطاعات والتهاون في المعاصي والسيئات، وذكر اللسان وحده لا يُوجب شيئاً منها فثمرته ضعيفةٌ".


الذكر باللسان

وهي المرتبة الثالثة في أحوال الذكر، حيث يكون العبد منشغلاً بلسانه، دون حضور القلب، ومع أنها أدنى مراتب الذكر، إلا أنه يترتب عليها العديد من الأجور، والكثير من الفضائل، فهي طاعة وعبادة قولية، يؤجر عليها المسلم، وفيها تعويده على الذكر، وانشغاله عن القول الباطل والسيء، كالنميمة، والغيبة، واللغو، مما يؤدي إلى طرد الشيطان وإبعاده، والبعد عن الغفلة.


أنواع الذكر

ومما ينبغي الإشارة إليه أنّ ذكر الله تعالى نوعان؛ الأول هو العام، والثاني هو الخاص، وفيما يأتي ذكر كل صنفٍ منهما مع التفصيل في ذلك:[٨]

  • الذكر العام: وقد أدرج العلماء تحت الذكر العام جميع العبادات، فجميع العبادات تُقام لذكر الله -عزّ وجلّ-، وطاعته، وعبادته، كالصلاة، والصيام، والحجّ، وقراءة القرآن، حيث قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "كل ما تكلَّم به اللسان، وتصوّره القلب ممّا يقرّب إلى الله -تعالى- من تعلّم علم، وتعليمه، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، فهو من ذكر الله".
  • الذكر الخاص: والمقصود بالذكر الخاص هو ذكر الله -تعالى- بالألفاظ التي وردت عنه -عزّ وجلّ- من تلاوة كتابه، أو الألفاظ التي وردت على لسان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فتشمل تمجيد الله -عزّ وجلّ-، وتنزيهه تعالى من كل عيب، ولا شكّ أنّ ذكر الله تعالى يعدّ من أفضل ما يعوّد الإنسان عليه لسانه، ويُطلقه به، ويشمل ذلك تسبيح الله تعالى، وتحميده، وتمجيده -عزّ وجلّ-، وتلاوة آيات القرآن الكريم، والصلاة على الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، وغيرهم الكثير من الأذكار المأثورة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.


المراجع

  1. سورة سورة الأحزاب، آية:41
  2. رواه ابن حجر العسقلاني ، في تخريج مشكاة المصابيح، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم:422، حديث حسن.
  3. سورة سورة آل عمران، آية:135
  4. "هذا هو الذكـر"، الإسلام ويب، 28/8/2012، اطّلع عليه بتاريخ 9/12/2021. بتصرّف.
  5. "احوال الذكر الثلاث"، اسلام ويب، 14/12/2021، اطّلع عليه بتاريخ 14/12/2021. بتصرّف.
  6. "ذكر الله يكون بالقلب وباللسان وبالجوارح"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 19/12/2021. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 226. بتصرّف.
  8. الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح (20/2/2016)، "ذكر الله تعالى: أنواعه وفضائله"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 9/12/2021. بتصرّف.