ذكر الله تعالى

يأتي الذكر في الشرع بمعنيين، أحدهما عامٌّ يراد به كلّ الطاعات والعبادات التي يفعلها المسلم قربةً لله من صلاة ودعاءٍ وتلاوةٍ للقرآن الكريم وغيرها، وأمّا بمعناه الخاصّ فيُقصد به الإتيان بالألفاظ التي حثّت نصوص الشرع على قولها؛ كالتسبيح والحمد والتكبير والتهليل ونحوها،[١][٢] وقد جاء الحث على ذكر الله تعالى والإكثار منه في مواطن كثيرةٍ من القرآن الكريم والسنّة النبويّة، ومن ذلك قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)،[٣] وللذكر فضائل عظيمةٌ وفوائد عديدةٌ أعدّها الله تعالى للذاكرين، وفيما يلي بيانها.


ماذا أعد الله للذاكرين؟

إنّ من أعظم ما أعدّه الله تعالى للذاكرين المغفرة والأجر والثواب العظيم مصداقًا لقول الله تعالى: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)،[٤][١] كما رتّب الله تعالى للذاكرين جزاء ذكرهم له فضائل عظيمةً آتيًا بيان جملةٍ منها.


فضل الذكر عمومًا

جاءت جملةٌ من النصوص الشرعيّة على ذكر فضائل لذكر الله عمومًا علاوةً على الثواب والأجر العظيم الذي أعده للذاكرين كما ذكر آنفًا، ومنها ما يلي:[١][٥]

  • أنّ ذكر الله تعالى تورث طمأنينة القلب وراحة النفس، ومن ذلك قوله تعالى: (الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّـهِ أَلا بِذِكرِ اللَّـهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ)؛[٦] لما في ذكر الله تعالى من تفريجٍ للهموم، وتيسيرٍ للأمور، وتحقيقٍ للراحة والسكينة.
  • أنّ ذكر الله تعالى سببٌ لأن يذكر الله تعالى العبد الذاكر، ودليل ذلك ما جاء في الحديث القدسيّ أنّ الله -تبارك وتعالى- يقول: "أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ".[٧]
  • أنّ ذكر الله تعالى حياةٌ للقلب؛ فقد شبّه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الفارق بين من يذكر الله تعالى ومن لا يذكره كالفرق بين الحيّ والميّت، كما روي عنه قوله: "مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ والذي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ".[٨]


فضل أذكارٍ مخصوصةٍ

أوردت عددٌ من الأحاديث النبويّة أذكارًا مع بيان فضل قولها، وأتيًا ذكرٌ لأمثلةٍ على هذه الأذكار وما يترتّب عليها من فضلٍ:

  • "مَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ؛ كانَتْ له عَدْلَ عَشْرِ رِقابٍ، وكُتِبَتْ له مِئَةُ حَسَنَةٍ، ومُحِيَتْ عنْه مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وكانَتْ له حِرْزًا مِنَ الشَّيْطانِ يَومَهُ ذلكَ حتَّى يُمْسِيَ، ولَمْ يَأْتِ أحَدٌ بأَفْضَلَ ممَّا جاءَ به، إلَّا أحَدٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِن ذلكَ"؛[٩] ومعنى عدل عشر رقاب؛ أي أنّ ثوابها يعدل تحرير وعتق عشرةٍ من العبيد.[١٠]
  • ذكر "لا حول ولا قوّة إلا بالله"، وممّا جاء في فضل هذا الذكر قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: "أَلَا أَدُلُّكَ علَى كَلِمَةٍ مِن كُنُوزِ الجَنَّةِ، أَوْ قالَ: علَى كَنْزٍ مِن كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ فَقُلتُ: بَلَى، فَقالَ: لا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللَّهِ".[١١]
  • ذكر نبيّ الله يونس -عليه السلام- في بطن الحوت، الذي قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فيه: "دعوةُ ذي النُّونِ إذ دعا وهو في بطنِ الحوتِ لا إلهَ إلَّا أنتَ سبحانَك إنِّي كنتُ من الظالمينَ فإنَّه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلَّا استجاب اللهُ له"؛[١٢] فقد بيّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ قول هذا الذكر أو استفتاح الدعاء به سببٌ لاستجابة الدعاء.[١٣]


المراجع

  1. ^ أ ب ت عبد الله بن حمود الفريح (20/02/2016)، "ذكر الله تعالى: أنواعه وفضائله"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 26/10/2021. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 1963.
  3. سورة الأحزاب، آية:41-42
  4. سورة الأحزاب، آية:35
  5. عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (25/09/2010)، "فضل ذكر الله تعالى"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27/10/2021. بتصرّف.
  6. سورة الرعد، آية:28
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7405، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:6407، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3293، صحيح.
  10. "شرح حديث من قال لا إله إلا الله"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 26/10/2021.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:2704، صحيح.
  12. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم:3505، صحيح.
  13. "شرح حديث دعوة ذي النون"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 26/10/2021.