اتفق أهل العلم على أن أعظم الذكر وأفضله هو القرآن الكريم، فإنّ ذكرَ الله عزّ وجلّ من أجلّ القُربات، ومن أزكى العبادات؛ فهو شفاء القلوب واطمئنانُها، وبلسم الحياةِ وأمانُها، وقد جاءت النّصوص تُقرّر أنّ أعظم ما ينبغي على العبد المسلم أن يذكر به ربّه جلّ وعلا، هو كلامُه العزيز القُرآن الكريم؛[١] فهو خير الكلام وأصدقه، وأجلّه وأحقّه، وهو أفضل الكُتب المُنزلة على خيرِ الرّسل محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم نبيّه ومصطفاه،[٢] حيث قال الإمام النووي رحمه الله: "اعلم أن تلاوة القرآن هي أفضل الأذكار والمطلوب القراءة بالتدبر"، وقال الإمام سفيان الثوري رحمه الله: "سمعنا أنّ قراءة القرآن أفضلُ الذِّكر إذا عمل به".[٣]


أنواعُ الذّكر

تتعدّد أنواعُ الذّكر بحسبِ الأفضلية والعظمة؛ وإليكَ تفصيلَها:[٤]


القُرآن الكريم

فقد قال تعالى: (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ)،[٥] والقُرآن الكريم هو أحسنُ الحديث، وأطيب القول، وأفضل الذكر، كما تم بيان ذلك، وأفضلُه تلاوة القُرآن في الصّلاة، ثمّ تلاوتُه في غير الصّلاة.


ذكر أسماءِ وصفات الله جلّ وعلا

أيْ الثّناء عليه بما يليق بجلاله وعظيم سلطانِه، وتقديسِه وتنزيهه عما لا يليق به، وهو النّوع المذكور في الأحاديث بشكلٍ عامّ، فعلى سبيلِ المثال: (سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْدُ لله، وَلا إِلَهَ إِلا الله، وَاللهُ أَكْبَرُ)، (سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمدهِ)، (لا إِلَهَ إِلا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءِ قَدِير)، وقد ورد أفضلُ هذا النّوع، وأجمعُه مطلقاً في: (سُبْحَانَ الله عَدَدَ مَا خَلَقَ في السَّمَاءِ، وَسُبحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ في الأرْضِ، وَسُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ بَيْنَ ذَلِكَ، وَسُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِق).


ذكرُ الإخبار عن الله سبحانه وتعالى

أيْ ذكر الله تعالى بالخبر عنه بأحكام أسمائِه وتفاصِيل صفاتِه، مثال قولِنا: إنّ الله سبحانه سميع يسمع الأصوات، ولا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السّماء، وهو رحيمٌ سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمّهاتِنا، وهكذا، ومن أفضل هذا النّوع هو الثّناء على الله تعالى بما أثنى هو على نفسِه في كتابِه، أو بما أثنى عليه رسوله صلّى الله عليه وسلّم في سنّته، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تشبيه ولا تمثيل، وهو النّوع الذي فيه: الحمد، والثّناء، والتّمجيد، وهي واردةٌ كلّها في سورةِ الفاتِحة.


ذكرُ أوامر الله تعالى ونواهيه وأحكامِه

وهو ينقسم إلى نوعَين:

  • ذكرالله تعالى إخباراً عنه بما أمر، وبما نهى، وبما رضِيَ، وبما سخِط؛ فهو ذكرٌ لأمره ونهيه.
  • ذكرُ الله تعالى عند مخالفة أمره، أيْ بالحياء منه، وبالخوف منه ومن عقابِه، ومثال ذلِك: قد يطرأ على المسلم أحوالٌ يكون فيها نشِطٌ للمعصية، ومتكاسِلٌ عن الطّاعة؛ فيذكر الله تعالى فيستحيي منه ويخاف من عقابِه؛ فيندم ويستغفر الله ويتوب إليه.


ذكرُ آلاءِ الله ونعمه

إنّ هذا من عظيم الذّكر؛ فهو جامِعٌ للذّكر والشّكر؛ فيذكر فضائل الله ونعمه على عباده، ويشكره، فقال تعالى: (فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).[٦]


ذكرُ الله سبحانه بالدّعاء والاستغفار

إنّ الذّكر أفضلُ من الدّعاء، فالذّكر هو الثّناء على الله تعالى بالحمد والتمجيد لصفاتِه وأسمائِه، أمّا الدّعاء هو سؤال العبد الله تعالى حاجةً يريدها، والدّعاء الذي يبدأ بذكر الله تعالى هو أقرب الدّعاء إلى الله، وأقربُه إجابةً.


ذكرُ الرّعاية والحِفظ

وهو الذّكر الذي فيه استحضارٌ لمعيّة الله تعالى وقربُه من العبد؛ كأن يقول الذّاكر: الله معي، الله حافِظي، الله شاهِدي، وهذه فيها معنى حضور القلب وتقويّته وصلتِه بالله عزّ وجلّ، أيْ فيها اعتصام بالله ولجوءٌ إليه من الشيطان الرّجيم، ومن كلّ شرّ وسوء وأذى.



المراجع

  1. "أفضل الذكر وهل يقتصر على قراءة سورة الإخلاص دون غيرها"، إسلام ويب، 7/3/2013، اطّلع عليه بتاريخ 16/12/2021. بتصرّف.
  2. عبد الرزاق عبد المحسن البدر، فقه الأدعية والأذكار. بتصرّف.
  3. "ما هو أفضل الذكر على الإطلاق ؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 28/12/2021. بتصرّف.
  4. محمد حسين يعقوب، الأنس بذكر الله تعالى، صفحة 20_27. بتصرّف.
  5. سورة ص، آية:1
  6. سورة الأعراف، آية:69