اسم الله الأول

هو اسم من أسماء الله الحسنى، ورد في القرآن الكريم مرة واحدة، في قول الله -تعالى-: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).[١]


معنى وشرح اسم الله الأول

معنى اسم الله الأول في اللغة

الأول في اللغة على وزن أفعل، أصله من الهمزة والواو واللام، وهو صفة مشبهة لكل من وُصف بالأولية؛ أي الذي يترتب عليه غيره، والأولية هي الرجوع إلى أول الشيء، ويستعمل للمتقدم في الزمان، فيقال أحمد أولاً ثم محمد، ويستعمل للمتقدم في الرئاسة لشيء؛ نحو الملك أولاً ثم الوزير، ويقال للشيء الجديد الذي لم يسبق مثله،[٢] ويستعمل للمتقدم في النظام؛ كقول الأساس أولاً ثم البناء.[٣]


معنى اسم الله الأول في حقه -سبحانه-

إن الله -سبحانه وتعالى- الأول الذي ليس قبله شيء، فكل ما سواه حادث كائن بعد أنْ لم يكن، ليس لوجوده بداية مفتتحة، فهو الأول بالأزلية، والأول بالوجود؛ فكلُّ موجود بعده وبه،[٤] فالله -تعالى- كان موجوداً ولا أحد قبله ولا معه، فاستحق الأولية، قال ابن القيم -رحمه الله-: "سبق كل شيء بأوليته، وبقي بعد كل شيء بآخريته"، وقال الطبري -رحمه الله-: "هو الأول قبل كل شيء بغير حد".[٥]


شرح اسم الله الأول

فسّر النبي -صلى الله عليه وسلم- معنى اسم الله الأول تفسيراً جامعاً واضحاً، وهو يخاطب ربه -جلا وعلا-: (اللَّهُمَّ أَنْتَ الأوَّلُ فليسَ قَبْلَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فليسَ بَعْدَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فليسَ فَوْقَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فليسَ دُونَكَ شَيءٌ)،[٦] فبين النبي -عليه الصلاة والسلام- في دعائه معنى كل اسم، ونفى ما يناقضه، ففي هذه الأسماء معانٍ جليلة تدل على تفرّد الله -تعالى- على الكمال المطلق والإحاطة المطلقة، ففي هذه الأسماء الأربعة جماع المعرفة بالله، وجماع العبودية له، حيث إن مدارها على بيان الإحاطة الزمانية والمكانية، فالإحاطة الزمانية في (الأول والآخر)، والإحاطة المكانية في (الظاهر والباطن).[٧]


إن الله -عزّ وجلّ- الأول؛ الذي قبل كل شيء ولم يسبقه في الوجود شيء، فإحاطة أوليته بالقَبل؛ فكل سابق انتهى إلى أوليته، فأوليته سابقة على أولية كل شيء، فأحاطت أوليته بالأوائل، فما من أول إلا والله قبله، وهو -سبحانه- علا بذاته ووصفه وفعله فوق كل شيء، فقد استغنى بذاته عن كل شيء، فلا يحتاج إلى أحد، والكل محتاج له، حيث تقدّم على غيره تقدماً مطلقاً، في كل وصف، فلا يدانيه ولا يساويه أحد من خلقه، فالأولية وصف له، ولا يتصف بها غيره.[٨]


أثر اسم الله الأول على المؤمن

إن العبد إذا عرف اسم الله الأول، وما يدل عليه من الكمال والعظمة والإحاطة، لجأ إلى الله في كافة أمره، وأقرّ بفقره وحاجته إليه، فمعرفة أولية الله في كل شيء، وسبقه بالفضل والإحسان، والإمداد والإيجاد، تقتضي إفراده وحده بالذلّ والعبودية، والتجرد من الوقوف بالأسباب والتعلق بها، والالتفات إليها، والتوكل عليه وحده -سبحانه-، وعدم الالتفات إلى غيره.[٩]


ويوجب للعبد أن يلحظ فضل ربه في كل نعمة دينية أو دنيوية، إذ السبب والمسبب منه -تعالى-، فكل نعمة في الكون هو الذي ابتدأها، فخلق وأوجد وأعطى ورزق، وهيأ الأسباب وسخّر الوسائل.[٩]


المراجع

  1. سورة الحديد، آية:3
  2. "معنى الأول والآخر"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 5/7/2022. بتصرّف.
  3. محمود عبد الرزاق الرضواني، أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة، صفحة 562. بتصرّف.
  4. "تفسير قوله تعالى (هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِر..)"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 5/7/2022. بتصرّف.
  5. نوال العيد، موسوعة شرح أسماء الله الحسنى، صفحة 49. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2713، صحيح.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة العقدية الدرر السنية، صفحة 455. بتصرّف.
  8. عبد الرزاق بدر، فقه الأسماء الحسنى، صفحة 172-173. بتصرّف.
  9. ^ أ ب محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة فقه القلوب، صفحة 269. بتصرّف.