البارئ

هو اسم من أسماء الله الحسنى على وزن فاعل، ورد في القرآن الكريم ثلاث مرات،[١] منها قوله -تعالى-: (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى).[٢]


معنى وشرح اسم الله البارئ

معنى اسم الله البارئ في اللغة

يعود أصل كلمة البارئ إلى الفعل بَرَأَ، أي خَلَقَ، يقال برأ الله الخلق يبرؤهم برءًا؛ بمعنى خلقهم وأوجدهم، فهو اسم فاعل بمعنى الخالق، وتأتي بمعنى التخلّص والبراءة من كل عيب؛ يقال برأ الرجل من مرضه، أي تخلّص وأصبح سليماً، وتأتي بمعنى المباعدة والمزايلة؛ أي خلا من العيب والتهمة وتنزّه عن وصفه بالنقص،[٣] وفيها معنى الإصلاح؛ يقال بَرأت العود أو يقال بَرِئْتَ العود وبروته إذا قطعته وأصلحته، وتأتي بمعنى القطع والفصل، وقالوا البريّة: معناها الخَلْق؛ فمن ذلك قوله -تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّة)،[٤] ويقال أن أصلها من البرْي؛ وهو التراب،[٥] والبُرء هو التنفيذ وإبراز ما قدره الله وقرره إلى الوجود.[٦]


معنى اسم الله البارئ في حق الله

إن الله -سبحانه وتعالى- المنزّه والمقدّس عن كل عيب ونقص، السالم الخالي من النقائص والعيوب، له الكمال المطلق في ذاته وأفعاله وصفاته، لا شبيه ولا نظير له، وهو سبحانه- أوهب الحياة للأشياء، فأوجد الخلق وأبدعهم بقدرته، خلق جميع الموجودات وبرأها، وسواها بحكمته، وصورها بحمده وحكمته، وأنشأها من العدم إلى الوجود، وجعلها صالحة ومناسبة للغايات التي أرادها.[٧]


شرح اسم الله البارئ

إن الله -سبحانه وتعالى- هو المنفرد بإيجاد جميع المخلوقات، الموجد والمبدع على غير مثال سابق، فخلقهم بقدرته، وبرأ بحكمته جميع البريّات، وأبدع الماء والتراب، والهواء والنار من العدم، ثم خلق الإنسان من تراب، وجعل من الماء كل شيء حيّ، فحسُن خلقه جميع الكائنات، فخلقها وأبدعها وفطرها في الوقت المناسب لها، فقدّر خلقها في أحسن تقدير، فصارت في أحسن خلقٍ، وأكمل صورةٍ، وأبهج شكلٍ،[٨] قال -تعالى-: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ)،[٩]


إنّ خلْق الله -سبحانه وتعالى- كله محكمٌ متقنٌ، مستقيمٌ مستوٍ، فخلق الخلق بريئاً من التفاوت، والتناقض، سليماً من التباين والاعوجاج، ليس فيه اختلاف ولا تنافر، ولا عيب، ولا نقص، أبرياء من كل ذلك، قال -تعالى-: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ)،[١٠] وميّز بين الخلق، وفصل كل جنس عن الآخر، وصوّر كل مخلوق بما يناسب الغاية من خلقه، وهدى كل مخلوق لما خُلق وهيئ له، فهو ينفّذ ما يريد إيجاده على الصفة التي يريدها، ويبرز ما قدره وقرره إلى الوجود.[٨][١١]


إن اسم الله البارئ يدل باللزوم على الحياة والقيومية، والعلم والإتقان، والقدرة والقوة، والحكمة والعظمة، وغيرها من الصفات التي تدل على كمال قدرته وعظمته، فالبارئ اسم مختص بالله -تعالى- لا يجوز أن يطلق على غيره، لأن الإيجاد من العدم أمر مختص له، فهو الذي برأ الخليقة من العدم، وصفات الكمال والنزاهة من العيوب لا يتصف بها أحد إلا هو -سبحانه-. [١٢]


نصيب المؤمن من اسم الله البارئ

إن معرفة اسم الله البارئ تجعل العبد يؤمن أنه -سبحانه- هو الموجد لكل الأشياء من العدم فلا ييأس على ما فاته ولا يفرح بما آتاه،[١] قال -تعالى-: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ* لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ)،[١٣] ويسعى ليخلّص نفسه من العيوب والنقائص والآفات، ويحرص على تزكية نفسه، والتحلي بأحسن الأوصاف والأخلاق، ويبتعد عن كل ما يفسد عقيدته وإيمانه.


المراجع

  1. ^ أ ب سعد بن عبد الرحمن ندا، مفهوم الأسماء والصفات، صفحة 62. بتصرّف.
  2. سورة الحشر، آية:24
  3. نوال العيد، موسوعة شرح أسماء الله الحسنى، صفحة 302-303. بتصرّف.
  4. سورة البينة، آية:7
  5. "معنى اسم الله البارئ"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 5/7/2022. بتصرّف.
  6. "شرح وأسرار الأسماء الحسنى - (23) اسـم الله البـارئ "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 5/7/2022. بتصرّف.
  7. محمود عبد الرزاق الرضواني، أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة، صفحة 551-552. بتصرّف.
  8. ^ أ ب محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة فقه القلوب، صفحة 164. بتصرّف.
  9. سورة السجدة، آية:7
  10. سورة الملك، آية:3
  11. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة العقدية الدرر السنية، صفحة 469. بتصرّف.
  12. عبد الرزاق بدر، فقه أسماء الله الحسنى، صفحة 98. بتصرّف.
  13. سورة الحديد، آية:22-23