ورد اسم الله الملك في القرآن الكريم بثلاث صيغ؛ الملك، والمالك، والمليك، قال -تعالى: (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)،[١] وقال -تعالى-: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ..)،[٢] وقال أيضاً في سورة القمر: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)،[٣] ومعاني هذه الأسماء الثلاثة متقاربة؛ ففيها صفات العظمة والكبرياء، والقهر والتدبير، الذي له التصرف المطلق، في الخلق والأمر والجزاء، وتفيد ملك الله -عزّ وجلّ- لخلقه.[٤]


شرح ومعنى اسم الله الملك

معنى اسم الله الملك

يدور معنى اسم الله الملك في اللغة حول التصرّف والهيمنة والسيادة، ومَلَك الشيء؛ أي حازه واحتواه، وانفرد باستعماله والتصرّف به، وقدر على تملّكه،[٥] فالمُلْك هو التصرف بالأمر والنهي، والمَلِك هو الآمر الناهي المطاع المتصرّف بأمره ونهيه،[٦] فالله -جّل وعلا- هو صاحب المُلك المطلق، مالك الأشياء ومصرفها على إرادته، ونافذ الأمور في ملكه، لا يمتنع عليه منها شيء.[٧]


شرح اسم الله الملك

إن الله - عزّ وجلّ- هو الملك الحقّ؛ مالك السموات والأرض وما بينهما، ومالك الدنيا والآخرة، وسائر المخلوقات في العالمَيْن العلوي والسفلي في ملكه محتاجة إليه، ملكه عظيم واسع، وقدرته تامة مطلقة، قال -تعالى-: (لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)،[٨] وهو -سبحانه- لا يعجزه حفظ هذا المُلك العظيم، فقال -سبحانه-: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)،[٩] وهو مالك يوم الدين، لا أحد ينازعه فيه من ملوك الدنيا، فيحكم الملك في ذلك اليوم بالعدل والإحسان، من غير ظلمٍ وجورٍ،[١٠] قال -تعالى-: (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا).[١١]


وهو -سبحانه غنيّ؛ يملك خزائن السموات والأرض، يملك كل شيء، وله كل شيء، وبيده كل شيء، يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، وينفق كيف يشاء، قال -تعالى-: (وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ)،[١٢]وهو المتصرّف المستقلّ، الذي يملك القدرة على التصرف استقلالاً، لا يرجع إلى أية جهة، ولا يحتاج إلى أية جهة، يفعل ما يشاء، ويتصرف في ملكه كيف يشاء، النافذ لأمره في ملكه وحكمه، قال -تعالى-: (يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ).[١٣]


فملك الله -جلّ وعلا- تام؛ لا نقص فيه بوجه من الوجوه، ومطلق؛ لم يسبقه عدم ولا يلحقه زوال، فهو دائم لا يزال ولا يزول، ولا ينقص ولا ينفذ بكثرة العطاء والجود، وحقيقة ملكه -جلّ وعلا- تستلزم سائر صفات الكمال؛ منها: الحياة المطلقة، والقدرة التامة، والعلم الشامل، والإرادة النافذة، والغنى، والعزة، وغير ذلك من صفات الكمال، فحياته -سبحانه- حياة لا عدم معها، وقوته لا ضعف فيها، وقدرته لا عجز فيها، وغناه لا فقر ولا حاجة معه، وعزته لا غالب لها، وحكمه عام نافذ في الدنيا والآخرة، وملكه قائم على علم محيط، وحكمة بالغة، ورحمة تامة.[١٤]


المراجع

  1. سورة المؤمنون، آية:116
  2. سورة آل عمران، آية:26
  3. سورة القمر، آية:54-55
  4. عبد الرحمن السعدي، تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي، صفحة 233-234. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة العقدية الدرر السنية، صفحة 7. بتصرّف.
  6. حياة بن محمد بن جبريل، الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة، صفحة 284. بتصرّف.
  7. الزجاج، تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج، صفحة 30. بتصرّف.
  8. سورة الحديد، آية:2
  9. سورة البقرة، آية:255
  10. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة فقه القلوب، صفحة 140-142. بتصرّف.
  11. سورة الفرقان، آية:26
  12. سورة المنافقون، آية:7
  13. سورة الرحمن، آية:29
  14. نوال العيد، موسوعة شرح أسماء الله الحسنى، صفحة 393-394. بتصرّف.