إنّ ذكر الله تعالى من الطاعات والقربات الجليلة التي جاءت نصوص القرآن الكريم والسنّة النبويّة حاثةً عليها، ومبيّنةً لفضلها العظيم، قال الله تعالى في الحضّ على الذكر: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)،[١] ومن الذكر ما يكون مرتبطًا بوقتٍ كأذكار الصباح والمساء، أو مرتبطًا بفعلٍ كأذكار ما بعد الصلاة، ومنها ما يكون عامًّا مطلقًا كالتسبيح والحمد والتكبير والتهليل ونحوها، وفيما يلي بيانٌ لحكم الذكر على غير طهارةٍ، وتوضيحٌ لآداب ذكر الله تعالى.


هل يجوز ذكر الله على غير طهارة؟

اتّفق الفقهاء على أنّ ذكر الله تعالى جائزٌ بلا طهارةٍ، وأنّ الطهارة ليست شرطًا لصحّة الذكر؛ أي أنّ للمسلم أن يذكر الله تعالى حتّى وإن كان مُحدثًا حدثًا أصغر أو حدثًا أكبر كأن كان جُنبًا، فيصحّ ذكر الله تعالى بلا غُسلٍ أو وضوءٍ، ودليل ذلك ما روته أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن النبيّ -عليه الصلاة والسّلام- أنّه: "كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ"؛[٢] أي أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يذكر الله على كلّ أحواله إلّا في الأحوال التي يُمتنع فيها الذكر كدخوله للخلاء،[٣] وعليه فإنّ الذكر بلا طهارةٍ جائزٌ شرعًا.[٤]


آداب ذكر الله تعالى

إنّ لذكر الله تعالى جملةً من الآداب التي يستحبّ للذّاكر أن يلتزمها،[٥] وآتيًا ذكرها وبيانها.


الإخلاص لله تعالى

إذ إنّ أيّ عملٍ من الأعمال وأيّ قربةٍ من القربات لا تُقبل إلّا إن قصد منها فاعلها وجه الله تعالى وأخلص النيّة له، وهو الشرط الأوّل لقبول الأعمال كلّها؛ قال النبيّ عليه الصلاة والسلام: "إِنَّ اللهَ تعالى لا يَقْبَلُ مِنَ العملِ إلَّا ما كان له خالصًا، وابْتُغِيَ بِهِ وِجْهَهُ".[٦][٧][٨]


حضور القلب

فينبغي على المسلم أن يستحضر قلبه عند ذكر الله تعالى؛ وذلك بتدبّر الذكر الذي يردّده وتمعّن ألفاظه وفهم معانيها، حتّى لا يكون الذكر مجرّد تحريكٍ للسان وترديدٍ شفهيّ خالٍ من التدبّر، كما ينبغي استحضار عظمة الله -سبحانه وتعالى- الذي يذكره.[٧][٨]


استحباب الطهارة والنظافة

سبق بيان أنّ الطهارة ليست شرطًا لصحة الذكر وأنّه يُقبل ويصحّ دونها، إلّا أنّه يستحبّ أن يكون الذاكر على طهارةٍ عند ذكره لله تعالى ما أمكنه ذلك وتيسّر له،[٧][٨] كما يستحبّ أن يكون المكان الذي يذكر الله فيه طاهرًا نظيفًا، وأن يكون فم الذاكر نظيفًا ومن المستحبّات تنظيفه بالسواك إن لم يكون نظيفًا.[٥]


استقبال القبلة

يستحبّ للذاكر أن يستقبل القبلة عند ذكره لله تعالى إن أمكنه ذلك، على أنّه لا حرج في قول الأذكار على أي جهةٍ وحالٍ كان المسلم، إلّا أنّ الأفضل أن يكون على أكمل حالٍ وهيئةٍ عند الذكر.[٥][٨]


خفض الصوت عند الذكر

إنّ من آداب الذكر أن يخفض الذاكر صوته عند الذكر ولا يجهر به عاليًا؛ لقول الله سبحانه وتعالى: (وَاذكُر رَبَّكَ في نَفسِكَ تَضَرُّعًا وَخيفَةً وَدونَ الجَهرِ مِنَ القَولِ بِالغُدُوِّ وَالآصالِ وَلا تَكُن مِنَ الغافِلينَ).[٩][٧]


التقيّد بما جاء في الشرع من الأذكار

فإن كان الذكر ممّا قيّده الشرع بعددٍ معيّنٍ؛ فالأولى قوله بالعدد والصورة التي نصّت نصوص الشرع عليه كالأذكار بعد الصلوات المفروضة من التسبيح والحمد والتكبير والتهليل، وما جاء تحديد عددٍ فيه من أذكار الصباح والمساء، أمّا الأذكار المطلقة فلا حرج في قول المسلم لها دون التقيّد بعددٍ.[٧][١٠]


المراجع

  1. سورة الأحزاب، آية:41-42
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:373، صحيح.
  3. "شرح حديث كان النبي يذكر الله على كل أحيانه"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 26/10/2021.
  4. "هل تشترط الطهارة عند ذكر الله؟"، طريق الإسلام، 05/08/2009، اطّلع عليه بتاريخ 26/10/2021. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 1964. بتصرّف.
  6. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:1822، صحيح.
  7. ^ أ ب ت ث ج "من آداب الذكر وفوائده"، إسلام ويب، 03/05/2007، اطّلع عليه بتاريخ 26/10/2021. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت ث خالد بن محمود بن عبد العزيز الجهني (07/07/2018)، "آداب الذكر والدعاء"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 26/10/2021. بتصرّف.
  9. سورة الأعراف، آية:205
  10. "التقيد في الأذكار بعدد معين بدعة إلا ما حدده الشرع"، إسلام ويب، 11/01/2001، اطّلع عليه بتاريخ 26/10/2021. بتصرّف.