حثّ الله -سبحانه وتعالى- عباده على الذكر؛ فجاء في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)،[١] كما رتّب -سبحانه وتعالى- للذاكرين ثوابًا عظيمًأ، ومنه قوله تعالى: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)،[٢] والذكر كثيرٌ متنوّعٌ، ومن أجلّ الذكر: الصّلاة على النبيّ محمّدٍ عليه الصّلاة والسّلام؛ لما جاء في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)،[٣] وآتيًا توضيحٌ لحكم الصلاة على النبيّ بإضافة قول: عدد ما ذكره الذاكرون، وبيانٌ لعددٍ من الصيغ الواردة في الصلاة على النبيّ وفضلها.


قول عدد ما ذكره الذاكرون وغفل عنه الغافلون

إنّ قول المسلم: "اللهم صلّ على محمد عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عنه الغافلون"، من الأمور الجائزة التي لا حرج فيها، وقد ورد عن الإمام الشافعي -رحمه الله- أنّه استعمل هذه الصيغة في الصّلاة على النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، ويمكن الاستدلال على مشروعيّة هذا القول؛ بأنّ الصلاة على النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- هي من قبيل الدّعاء، والدعاء منه ما هو مقيّدٌ بصيغٍ محدّدةٍ، ومنه ما هو مطلقٌ متروكٌ لما يريد أن يضمّنه السائل أو الداعي من المعاني، وعليه فيجوز الصلاة على النبيّ وإردافها بقول عدد ما ذكره الذّاكرون وغفل عن ذكره الغافلون؛ لكونه دعاءً مطلقًا غير مشتملٍ على أي مخالفةٍ شرعيّةٍ.[٤][٥]


صيغ الصلاة على النبي

يُشرع للمسلم قول: اللهم صلِّ على محمد، أو قول -عليه الصّلاة والسّلام- عند ذكر اسمه، أمّا الصيغةٌ الأوفى فهي الصيغة الواردة في قوله -عليه الصّلاة والسّلام- إجابةً على سؤال الصحابة -رضي الله عنهم- له كما جاء في الرواية: "إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللَّهِ، قدْ عَلِمْنَا كيفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكيفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قالَ: فَقُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".[٦][٧]


فضل الصلاة على النبي

إنّ للصلاة على النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- فضائل عظيمةٌ، منها:[٨]

  • إن في الصلاة على النبيّ امتثالًا لأمر الله تعالى الذي أمر بالصلاة على النبي.
  • أنّ الصّلاة على النبيّ تبلغه، ويردّ عليها، كما جاء في الحديث: "ما مِن أحدٍ يسلِّمُ عليَّ إلَّا ردَّ اللَّهُ عليَّ روحي حتَّى أردَّ علَيهِ السَّلامَ".[٩]
  • أنّ من صلى على النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- مرّةً، صلّ الله -سبحانه وتعالى- عليه عشر مرّاتٍ؛ لما روي عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه قال: "مَن ذُكِرتُ عِندَهُ فلْيُصَلِّ عليَّ ، فإِنَّهُ مَن صَلَّى عليَّ مَرةً صَلَّى اللهُ عليه عَشْرًا".[١٠]
  • أنّ الصلاة على النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من علامات توقيره وإجلاله، والمسلم مأمورٌ بذلك؛ لقوله تعالى: (لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا).[١١]

المراجع

  1. سورة الأحزاب، آية:41-42
  2. سورة الأحزاب، آية:35
  3. سورة الأحزاب، آية:56
  4. "لا حرج في قولك اللهم صل على محمد عدد خلقك"، الإسلام سؤال وجواب، 19/06/2013، اطّلع عليه بتاريخ 14/09/2021. بتصرّف.
  5. "حكم قول: اللهم صل على محمد عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عنه الغافلون"، إسلام ويب، 20/04/2015، اطّلع عليه بتاريخ 14/09/2021. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم:6357، صحيح.
  7. "صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"، إسلام ويب، 25/01/2004، اطّلع عليه بتاريخ 14/09/2021.
  8. حسين أحمد عبد القادر (25/12/2016)، "كنوز وأجور الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 14/09/2021. بتصرّف.
  9. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2041، حديث حسن.
  10. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:6246، صحيح.
  11. سورة الفتح، آية:9