لا شك أن من أهم ما ينبغي للمسلم أن يعتنيَ به منزلُه وبيتُه؛ إذ إن صلاح البيت وصونه من الدخائل والرذائل هو الحجر الأساس لكل نهضةٍ ورقيٍّ في المجتمع، ولعل أهمّ ما يحصّن به المسلم بيته صيانته عن وساوس الشيطان وكيده، حيث إن هذا العدو متربصّ بالإنسان، لا يفارقه على حال، وذلك كما جاء في الكتاب العزيز في قوله تعالى: (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِن بَينِ أَيديهِم وَمِن خَلفِهِم وَعَن أَيمانِهِم وَعَن شَمائِلِهِم وَلا تَجِدُ أَكثَرَهُم شاكِرينَ)،[١] فهو يسعى بكل جهده وطاقته أن يبعد الإنسان عن طريق الهداية، سواء بتزيين الفواحش والمنكرات، أو إلقاء الرعب والخوف في قلبه، أو بجعله ينفر عن كل ما يرضي الله تعالى، أو غير ذلك.[٢]


كيفية تحصين المنزل

يمكن للإنسان المسلم أن يحصّن بيته من الشرور والمخاوف والأذى من خلال زيادة حرصه على التمسّك بما أرشد إليه الشرع، وذلك من خلال الالتزام بما يلي:[٣][٤]


الإكثار من ذكر الله تعالى

وذلك بذكر الله تعالى في البيت في كل وقت وحين، ومن خلال شتى الوسائل والطرق، سواءً أكان بالذكر المطلق، أو بالذكر المقيد، كأذكار الصباح والمساء، وإلقاء السلام، والإكثار من تلاوة القرآن الكريم، خاصة سورة البقرة، وغير ذلك من أنواع الذكر، وقد ورد فضل ذكر الله تعالى في تحصين البيوت وبثّ الحياة فيه في قوله ـ صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ البَيْتِ الذي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ، والْبَيْتِ الذي لا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ، مَثَلُ الحَيِّ والْمَيِّتِ).[٥]


تطهير البيت من التصاليب

وذلك من خلال نزع كل ما يتعلّق بالصليب؛ فإنها تجلب الشياطين، ومن ثمَّ تجلب الاضطراب والقلق، فضلاً عن كونها شعار النصارى، وقد ورد عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قولها: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ في بَيْتِهِ شيئًا فيه تَصَالِيبُ إلَّا نَقَضَهُ).[٦]


خلو البيت من الكلاب أو الصور

وذلك لأن وجود الكلاب أو الصور في البيت تمنع دخول الملائكة، قال عليه الصلاة والسلام: (لَا تَدْخُلُ المَلَائِكَةُ بَيْتًا فيه كَلْبٌ ولَا صُورَةٌ)،[٧]والبيت الذي لا تدخله الملائكة تدخله الشياطين.


إغلاق الأبواب وتغطية الآنية وإطفاء المصابيح

وقد ورد هذا الإرشاد النبوي في حديث جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنهماـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كانَ جُنْحُ اللَّيْلِ -أوْ أمْسَيْتُمْ- فَكُفُّوا صِبْيانَكُمْ؛ فإنَّ الشَّياطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فإذا ذَهَبَ ساعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ، فأغْلِقُوا الأبْوابَ، واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ؛ فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَفْتَحُ بابًا مُغْلَقًا، وأَوْكُوا قِرَبَكُمْ واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، ولو أنْ تَعْرُضُوا عليها شَيئًا، وأَطْفِئُوا مَصابِيحَكُمْ)،[٨] فمقصود الحديث ذكر الله تعالى مع كل فعل صيانة عن الشيطان والوَباء والحَشرات، فذكر الله تعالى هو الحصن الحصين من كل أذى وشرّ.


الحرص على نظافة البيت

ويرجع ذلك إلى أن مكان النجاسة والأوساخ هو منزل للشياطين، وقد ورد أن اليهود لا ينظّفون أفنيتهم، وعليه كثرت فيهم مظاهر السحر والشعوذة، قال تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).[٩]


ومع هذا كله ينبغي على الإنسان المسلم أن يحرص على تحصين بيته ونسله من أول ليلة يقضيها؛ وذلك لأنها فاتحة بيته ونسله، فإن قضاها على السنة استقامت حياته، وحُفظت زوجته وذريته، وإن كان غير ذلك تلاعب به الشيطان، وقد جاء عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ما يدل على ذلك، قوله: (أَمَا لو أنَّ أحَدَهُمْ يَقولُ حِينَ يَأْتي أهْلَهُ: باسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيْطانَ، وجَنِّبِ الشَّيْطانَ ما رَزَقْتَنا، ثُمَّ قُدِّرَ بيْنَهُما في ذلكَ، أوْ قُضِيَ ولَدٌ؛ لَمْ يَضُرَّهُ شَيطانٌ أبَدًا).[١٠][١١]


المراجع

  1. سورة الأعراف، آية:17
  2. بثينة الصابوني (14/10/2018)، "تحصين البيت والأولاد"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021. بتصرّف.
  3. حسن محمود (9/4/2014)، "وسائل لتحصين البيت المسلم"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021. بتصرّف.
  4. "الطريق لتحصين البيوت المسلمة من أذى السحر ، والتحذير من المشعوذين"، الإسلام سؤال وجواب، 23/3/2015، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:779، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:5952، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي طلحة الأنصاري زيد بن سهل، الصفحة أو الرقم:3322، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:5623، صحيح.
  9. سورة البقرة، آية:222
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن ابن عباس، الصفحة أو الرقم:5165، صحيح.
  11. سعيد ين مسفر، دروس للشيخ سعيد ين مسفر، صفحة 6. بتصرّف.