معنى كلمة حصّنتك

التحصين معناه الوقاية والحماية، واتّخاذ الحيطة للوقاية من المرض والأذى، وحصّنتك أي: أقيك وأحميك، والحصن لغةً: هو المكان المنيع والقوي، وحصّن المكان: أي قوّاه وصانه، فصار منيعاً وقوياً، قال -تعالى-: (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ)، [الحشر:14] وقال: (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ).[١][٢]


ولا يخرج المعنى الشرعي الاصطلاحي عن المعنى اللغوي السابق، فالتحصين شرعاً من الوقاية والحماية، ولا يكون إلا بذكر الله -تعالى- ومعيّته، وباللجوء إليه والاستعانة به،[٣] ومن الأدعية التي ذكرها السلف الصالح وتضمّنت لفظ التحصين دعاء ابن القيم -رحمه الله-، وهو:[٤]




"تَحَصَّنْتُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِلَهِي وَإِلَهِ كُلِّ شَيْءٍ، وَاعْتَصَمْتُ بِرَبِّي وَرَبِّ كُلِّ شَيْءٍ، وَتَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَاسْتَدْفَعْتُ الشَّرَّ بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، حَسْبِيَ الرَّبُّ مِنَ الْعِبَادِ، حَسَبِيَ الْخَالِقُ مِنَ الْمَخْلُوقِ، حَسَبِيَ الرَّازِقُ مِنَ الْمَرْزُوقِ، حَسْبِيَ الَّذِي هُوَ حَسْبِي، حَسْبِيَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ، حَسْبِيَ اللَّهُ وَكَفَى، سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ دَعَا، لَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ مَرْمَى، حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ".




ويجوز الدعاء به، وقد قال ابن القيم -رحمه الله- بعد أنْ ذكَر هذا الدعاء: "مَنْ جَرَّبَ هَذِهِ الدَّعَوَاتِ وَالْعُوَذَ؛ عَرَفَ مِقْدَارَ مَنْفَعَتِهَا، وَشِدَّةَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا وَهِيَ تَمْنَعُ وُصُولَ أَثَرِ الْعَائِنِ، وَتَدْفَعُهُ بَعْدَ وُصُولِهِ بِحَسَبِ قُوَّةِ إِيمَانِ قَائِلِهَا، وَقُوَّةِ نَفْسِهِ، وَاسْتِعْدَادِهِ، وَقُوَّةِ تَوَكُّلِهِ، وَثَبَاتِ قَلْبِهِ، فَإِنَّهَا سِلَاحٌ وَالسِّلَاحُ بِضَارِبِهِ".[٤]


ويجوز الدعاء للغير بالتحصين، على أن يكون ذلك بلفظٍ لا يخالف الشرع، والأفضل يُقال: حصّنتك بذكر الله، أو حصّنتك بالاستعانة بالله، ونحو ذلك، وباب الدعاء واسع، فيُشرع الدعاء بأدعية التحصين التي يتناقلها النّاس إذا كان لفظها صحيحاً ولا محظور فيه، ولكنّ الأفضل تحصين النفس بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فالنّفع فيهما أعظم.[٥]


ومن الأدعية التي يُمكن الدعاء للغير بها بلفظ "حصّنتك" ما يأتي:



  • حصّنتك بكلمات الله التامات من كل شر يؤذيك.





  • حصّنتك باسم الله من كل شيء يؤذيك، واستودعتك في ودائع الله التي لا تضيع.




أدعية وأذكار التحصين من القرآن

آيات التحصين من القرآن الكريم من أعظم ما يُحصّن المؤمن من الشبهات والأذى بإذن الله، وقد ثبت في العديد من السور فضائل خاصة في الرقية والتحصين، كسورة الفاتحة، والبقرة، والإخلاص، والمعوّذتين، بالإضافة إلى العديد من الآيات القرآنية الكريمة التي جمعها العديد من العلماء وقالوا بنفعها في باب العلاج بالرقية الشرعية، ونذكر من هذه السور والآيات ما يأتي:




  • (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ* إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ* اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ). [الفاتحة:1-7]





  • (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ). [البقرة:255]





  • (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ* لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ). [البقرة:285-286]





  • (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ). [الأنعام:17-18]





  • (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ). [يونس:57]





  • (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظَّالِمينَ إِلّا خَسارًا). [الإسراء:82]





  • (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي). [طه:25-28]





  • (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ* وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ* الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ* وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ* فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ* وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب). [الشرح:1-8]





  • (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ). [الإخلاص:1-4]





  • (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ* وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ* وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ* وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ). [الفلق:1-5]





  • (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ* مَلِكِ النَّاسِ* إِلَهِ النَّاسِ* مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ* الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ* مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاس). [الناس:1-6]




أدعية وأذكار التحصين من السنة

من الأدعية والتحصينات التي ذُكِرت في السنة النبوية الشريفة والتي يُسنّ تحصين النفس بها باستمرار ما يأتي:




  • (بسمِ اللهِ الَّذي لا يَضُرُّ مع اسمِهِ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ وهو السَّميعُ، ثلاثَ مرَّاتٍ). [أخرجه الحاكم، صحيح الإسناد]





  • (أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة). [أخرجه البخاري]





  • (باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِن كُلِّ شيءٍ يُؤْذِيكَ، مِن شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ، أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ). [أخرجه مسلم]





  • (أذْهِبِ البأس رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا). [أخرجه البخاري]





  • (اللَّهمَّ عافِني في بَدَني، اللَّهمَّ عافِني في سَمْعي، اللَّهمَّ عافِني في بَصَري). [أخرجه أبو داود، وحسّن الألباني إسناده]





  • (اللَّهُمَّ إنِّي أسأَلُكَ العفو والعافيةَ في الدُّنيا والآخِرةِ، اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ العَفوَ والعافيةَ في دِيني ودُنيايَ وأهلي ومالي، اللَّهمَّ استُرْ عَوراتي وآمِنْ رَوْعاتي، واحفَظْني مِن بَينِ يَدَيَّ ومِن خَلْفي، وعن يَميني وعن شِمالي، ومِن فَوْقي، وأعوذُ بعَظَمَتِكَ أنْ أُغتالَ مِن تَحْتي). [أخرجه ابن ماجه، وصححه الألباني]



المراجع

  1. سورة الأنبياء، آية:80
  2. "تعريف ومعنى حصن في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 5/9/2023. بتصرّف.
  3. خالد الجريسي، التحصين من كيد الشياطين، صفحة 110. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ابن القيم، زاد المعاد في هدي خير العباد، صفحة 156، جزء 4.
  5. "حكم الدعاء بدعاء تحصين النفس المخترع وإرساله للناس"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 5/9/2023. بتصرّف.