ذكر الله تعالى

جعل الله -عزّ وجلّ- الذكر للعبد سلواناً لقلبه، حيث إنّ الذكر يورث الحياة لقلب العبد، فتتنزل السكينة والرحمة على قلب الذاكر، فيضفي المهابة والنضرة عليه، كما ذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى- العديد من ثمرات الذكر؛ أنّه طاردٌ للشيطان، ويورث ذكر الرحمن للعبد، حيث ذكر الله تعالى في كتابه: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}،[١] ومن ثمرات ذكر الله -عزّ وجلّ- أيضاً؛ مباهاة الله -تبارك وتعالى- ملائكته بالذاكرين له في حِلق المساجد وغيرها من حِلق الذكر، حيث يكونوا مجتمعين من أجل ذكر الله -جلّ في علاه-، فقد رأى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على حلقةٍ من حِلَق أصحابه، فقال: (ما أَجْلَسَكُمْ؟ قالوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ علَى ما هَدَانَا لِلإِسْلَامِ، وَمَنَّ به عَلَيْنَا، قالَ: آللَّهِ ما أَجْلَسَكُمْ إلَّا ذَاكَ؟ قالوا: وَاللَّهِ ما أَجْلَسَنَا إلَّا ذَاكَ، قالَ: أَما إنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فأخْبَرَنِي، أنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بكُمُ المَلَائِكَةَ)،[٢] وقيل أن للذكر أثر على الذاكرة، حيث يمنح العبد قوة في قلبه وفي بدنه، حتى إنّه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه.[٣]


كيفيّة الذكر الصحيح

شرّع الله -عزّ وجلّ- الذكر في الإسلام، وقد وضع أهل العلم كيفيةً خاصة له، وآداب عديدة، يستحب للعبد المسلم فعلها؛ ومن ذلك أن يكون من يذكر الله تعالى مؤمناً إيماناً مطلقاً أنّ الله -عزّ وجلّ هو القادر على كل شيء، فهو القادر على تحقيق دعواته والاستجابة لها، ولا أحد سواه يقدر على رفع الضرّ عنه، وجلب النفع له، كما أنّه ينبغي مناجاة الله تعالى والتوسل إليه بأسمائه وصفاته التي أثبتها لنفسه، والإكثار من الثناء عليه،[٤] وفيما يأتي بيان بعض الأمور التي يستحب الالتزام بها، ليكون ذكره صحيحاً:[٥]


المحافظة على الطهارة

يستحب لمن يذكر الله تعالى، أن يكون طاهراً من الحدث والنجاسة، فقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يحرص على الوضوء والطهارة قبل الاستغفار والذكر والدعاء.


الإخلاص في الذكر

فالإخلاص لله تعالى شرط لقبول العمل، حيث ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إِنَّ اللهَ تعالى لا يَقْبَلُ مِنَ العملِ إلَّا ما كان له خالصًا، وابْتُغِيَ بِهِ وِجْهَهُ).[٦]


حضور القلب

فيستشعر الذاكر في قلبه عظمة الله، ويتفّكر ويتأمل فيما يقوله من الذكر، فهو المقصود من الذكر، قال الإمام النووي رحمه الله: "المراد من الذكر حضور القلب فينبغي أن يكون هو مقصود الذاكر فيحرص على تحصيله ويتدبر ما يذكر ويتعقل معناه، فالتدبر في الذكر مطلوب".


خفض الصوت بالذكر

حيث يستحب للمسلم أن يذكر الله تعالى بصوت خافت، دون أن يجهر به جهراً بليغاً، حيث قال تعالى: (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ).[٧]


استحباب البكاء عند الذكر

حيث يستحب للمسلم عند ذكره لله تعالى البكاء، وهذا مما يدلّ على شدة افتقاره لله تعالى، وذله وحاجاته إليه، مما يزيد خشية العبد من الله والخوف منه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى في ظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ..)،[٨] وذكر منهم: (ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ).[٨]


المراجع

  1. سورة سورة البقرة، آية:152
  2. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري ، الصفحة أو الرقم:2701 ، حديث صحيح.
  3. "ذكر الله عز وجل"، إسلام ويب، 19/11/2002، اطّلع عليه بتاريخ 13/12/2021. بتصرّف.
  4. "شروط الدعاء"، الكلم الطيب، اطّلع عليه بتاريخ 13/12/2021. بتصرّف.
  5. د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني (7/7/2018)، "آداب الذكر والدعاء"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 13/12/2021. بتصرّف.
  6. رواه السيوطي ، في الجامع الصغير، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:1822، حديث صحيح.
  7. سورة الأعراف، آية:205
  8. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1423، صحيح.