يكمُن فضل ذكر الله في اعتباره من أفضل وأجلّ الأعمال التي تقرّب العبد من ربّه -سبحانه وتعالى-، وهو سببٌ من أسباب تحقيق السكينة والسعادة في القلوب والنفوس، كما أنّه سببٌ أيضاً في ذِكر الله -تعالى- لعباده الذاكرين له، إلى جانب غيرها من الفضائل.[١]


ذِكر الله

يُراد بذِكر الله: ترديد الأذكار التي أوردها الله -عزّ وجلّ- في آيات القرآن الكريم، أو الأذكار الواردة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ممّا فيه تمجيد لله -تعالى-، وتنزيهه، وتقديسه، وتوحيده، وغيرها.[٢]


فضل الأذكار

تترتّب العديد من الفضائل على المداومة على ذِكر الله -تعالى-، وبيان البعض منها آتياً:[٣]

  • نَيل فضل ذِكر الله -تعالى- للعباد الذاكرين له؛ فالله يذكر المُداوم على ذِكره، ويرفع قَدرَه ومكانته؛ إذ قال: "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ".[٤]
  • نَيل رضا الله -تعالى- ورحمته؛ فقد ثبت في الصحيح عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا".[٥]
  • طَرد الشيطان وكَسره؛ يدلّ على ذلك ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قالَ الشَّيْطَانُ: لا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وإذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ، وإذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قالَ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ وَالْعَشَاءَ".[٦]
  • تحقيق السكينة في القلب والنفس، وإزالة الهمّ والغمّ؛ قال -تعالى-: "وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى".[٧]
  • مغفرة الذنوب وتكفير السيِّئات؛ قال -تعالى-: "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّـهُ".[٨]
  • تحقيق القوّة والثبات؛ قال -تعالى-: "وَيا قَومِ استَغفِروا رَبَّكُم ثُمَّ توبوا إِلَيهِ يُرسِلِ السَّماءَ عَلَيكُم مِدرارًا وَيَزِدكُم قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُم".[٩]
  • تيسير الرزق؛ باعتبار الذِّكر من أهمّ أسباب نَيل الرزق؛ إذ قال -تعالى-: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا"،[١٠] والاستغفار جزء من الذِّكر.
  • تحقيق مَحبّة الله -تعالى- في القلوب؛ بالمُداومة على ذِكره، وبالتالي تحقيق السعادة في القلب، ممّا يستدعي تحقيق القبول في الأرض، ونَيل محبّة الناس؛ إذ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "إِذَا أحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحْبِبْهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنَادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ".[١١]
  • تحقيق القُرب من الله -سبحانه وتعالى- في كلّ الأوقات والأحوال؛ إذ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن ربّه -عزّ وجلّ-: "أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً".[١٢]
  • نَيل الحَسنات العظيمة والأجور المُضاعَفة؛ قال -تعالى-: "إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ ذلِكَ ذِكرى لِلذّاكِرينَ".[١٣]
  • ذِكر الله حال الرخاء والراحة يُعين على تفريج الهموم والغموم وقت الشدائد؛ إذ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "احفظِ اللهَ يحفظكَ احفظِ اللهَ تجدْهُ أمامك تَعَرَّفْ إليهِ في الرخاءِ يعرفكَ في الشدةِ وإذا سألتَ فاسألِ اللهَ وإذا استعنتَ فاستعنْ باللهِ".[١٤]
  • نزول السكينة والرحمة من الله -تعالى- على الذاكرين له؛ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ".[١٥]
  • شَغل اللسان بذِكر الله عن غيرها من الأقوال السيّئة؛ كالغيبة، والنميمة، والكذب؛ فقد ورد عن عبدالله بن بسر -رضي الله عنه- أنّه قال: "جاء أعرابيَّانِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال أحَدُهما: يا رسولَ اللهِ أخبِرْني بأمرٍ أتشبَّثُ به قال: لا يزالُ لسانُكَ رَطْبًا مِن ذِكْرِ اللهِ".[١٦]
  • تحقيق الأمن من الحَسرة والندم يوم القيامة؛ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "من قعد مقعدًا لم يذكرِ اللهَ فيه، كانت عليه من اللهِ تِرَةٌ، و من اضطجع مضجعًا لا يذكرِ اللهَ فيه كانت عليه من اللهِ تِرَةٌ".[١٧]
  • ذِكر الله من أجلّ وأفضل العبادات رغم أنّها يسيرةٌ؛ إذ قال الله -تعالى-: "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ".[١٨]
  • ذِكر الله سببٌ في تذكُّره -تعالى- دائماً؛ ممّا يُوجب السعادة والطمأنينة؛ قال -تعالى-: "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّـهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ".[١٩]
  • ذِكر الله نورٌ للذاكر في الدُّنيا والآخرة؛ قال -تعالى-: "أَوَمَن كانَ مَيتًا فَأَحيَيناهُ وَجَعَلنا لَهُ نورًا يَمشي بِهِ فِي النّاسِ كَمَن مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيسَ بِخارِجٍ".[٢٠]
  • تحقيق اللين في القلوب والنفوس، ونَفي القسوة عنهما؛ قال -تعالى-: "فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّـهِ أُولَـئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ*اللَّـهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّـهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّـهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ".[٢١]
  • ذِكر الله سببٌ من أسباب نَيل العديد من النِّعَم، وطرد العديد من النِّقم؛ قال -تعالى-: "وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ".[٢٢]
  • نَيل استغفار الملائكة للمُداومين على ذِكر الله -تعالى-؛ قال الله -تعالى-: "الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ".[٢٣]


المراجع

  1. أمين الشقاوي، "فضل الذكر"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 16/12/2020.
  2. عبدالله الفريح، "ذكر الله تعالى: أنواعه وفضائله"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16/12/2020.
  3. محمد حسين يعقوب، الأنس بذكر الله، صفحة 41-69. بتصرّف.
  4. سورة البقرة، آية:152
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2734، صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:2018، صحيح.
  7. سورة طه، آية:124
  8. سورة آل عمران، آية:135
  9. سورة هود، آية:52
  10. سورة نوح، آية:10-12
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3209، صحيح.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7405، صحيح.
  13. سورة هود، آية:114
  14. رواه الإمام أحمد، في مسند أحمد، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4/287، إسناده صحيح.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2700، صحيح.
  16. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبدالله بن بسر، الصفحة أو الرقم:814، أخرجه في صحيحه.
  17. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6477، صحيح.
  18. سورة القمر، آية:17
  19. سورة الحشر، آية:19
  20. سورة الأنعام، آية:122
  21. سورة الزمر، آية:22-23
  22. سورة إبراهيم، آية:7
  23. سورة غافر، آية:7