حثّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على عقد التسبيح بعد الصلوات باليدين والأنامل؛ فقد ورد أنّه قال: "عليْكُنَّ بالتَّسبيحِ والتَّهليلِ والتَّقديسِ واعقدنَ بالأناملِ فإنَّهنَّ مسئولاتٌ مستَنطقاتٌ ولا تغفُلْنَ فتنسينَ الرَّحمةَ"،[١] وفي المقال الآتي بيان لكيفيّة التسبيح بعد الصلاة.
التسبيح بعد الصلاة
حثّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- المسلمين على تمجيد الله -تعالى-، وذِكره؛ بالتزام الدعاء والأذكار في جميع أوقاتهم، ومن بينها أذكار بعد الصلاة؛ كالتكبير، والتهليل، والتسبيح الذي سيتمّ بيان ما يتعلّق بكيفيّته في ما يأتي:
كيفية التسبيح بعد الصلاة
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يعقد التسبيح؛ فقد ورد عن عبدالله بن عمرو أنّه قال: "رأيتُ رسولَ اللَّهِ ، يعقدُ التَّسبيحَ"؛[٢] أي يعدّ التسبيح بعَقد أصابعه؛ حتى يتمكّن من معرفة عدد ما سبَّح وكبّر وحَمد، وحتى تشهد له أصابعه بأنّه ذكر الله -تعالى- يوم القيامة، كما أنّ حديث "عليْكُنَّ بالتَّسبيحِ والتَّهليلِ والتَّقديسِ واعقدنَ بالأناملِ فإنَّهنَّ مسئولاتٌ مستَنطقاتٌ ولا تغفُلْنَ فتنسينَ الرَّحمةَ"[١] -الذي سبق ذِكره- يُبيّن أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- حثّ على عَقد التسبيح بالأنامل، وتجدر الإشارة إلى أنّ ما ورد عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- من قولها: "كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ ما اسْتَطَاعَ في شَأْنِهِ كُلِّهِ، في طُهُورِهِ وتَرَجُّلِهِ وتَنَعُّلِهِ"[٣] فيه حثّ على التيامُن في الأعمال كلّها قدر الاستطاعة؛ اقتداءً بسنّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وفي الحديثين السابقين دلالة على أنّ التسبيح باليدَين اقتداءٌ بالسنّة، إلّا أنّ التسبيح باليد اليُمنى أفضل؛ لاستحباب التيامُن في الأعمال.[٤]
وتجدر الإشارة إلى جواز استخدام السُّبحة في التسبيح؛ فهي من الوسائل المشروعة في ذلك؛ لِما ورد عن سعد بن أبي وقاص: "أنَّه دخَل مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على امرأةٍ في يدِها نوًى أو حصًى تُسبِّحُ فقال : ( ألَا أُخبِرُكِ بما هو أيسَرُ عليكِ مِن هذا وأفضَلُ ؟ سُبحانَ اللهِ عدَدَ ما خلَق في السَّماءِ وسُبحانَ اللهِ عدَدَ ما خلَق في الأرضِ وسُبحانَ اللهِ عدَدَ ما هو خالقٌ واللهُ أكبَرُ مِثْلَ ذلكَ والحمدُ للهِ مِثْلَ ذلكَ ولا إلهَ إلَّا اللهُ مِثْلَ ذلكَ ولا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ مِثْلَ ذلكَ"،[٥] إلّا أنّ التسبيح باليدَين أفضل؛ لِما فيه من اقتداء بالسنّة النبويّة إن أَمِنَ المسلم الخطأ في العدّ.[٦]
صِيغ التسبيح
تتعدّد صِيغ التسبيح الواردة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وهي على النحو الآتي:[٧]
- الصيغة الأولى:
ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "مَن سَبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، وقالَ: تَمامَ المِئَةِ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ".[٨]
"سبحان الله".
"الحمد لله".
"الله أكبر".
"لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ، وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ".
- الصيغة الثانية:
قال -عليه الصلاة والسلام-: "مُعَقِّباتٌ لا يَخِيبُ قائِلُهُنَّ، أوْ فاعِلُهُنَّ، دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَسْبِيحَةً، وثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَحْمِيدَةً، وأَرْبَعٌ وثَلاثُونَ تَكْبِيرَةً".[٩]
"سبحان الله".
"الحمد لله".
"الله أكبر".
- الصيغة الثالثة:
ورد عن زيد بن ثابت أنّه قال: "أمرنا أن نسبِّحَ دبرَ كلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثينَ ونحمدَه ثلاثًا وثلاثينَ ونُكبِّرَه أربعًا وثلاثينَ قالَ فرأى رجلٌ منَ الأنصارِ في المنامِ فقالَ أمرَكم رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أن تسبِّحوا في دبرِ كلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثينَ وتحمدوا اللَّهَ ثلاثًا وثلاثينَ وتُكبِّروا أربعًا وثلاثينَ قالَ نعم قالَ فاجعلوا خمسًا وعشرينَ واجعلوا التَّهليلَ معَهنَّ فغدا علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فحدَّثَه فقالَ افعلوا".[١٠]
"سبحان الله".
"الحمد لله".
"الله أكبر".
لا إله إلا الله
- الصيغة الرابعة:
لما ورد من حديث: "يَا رَسولَ اللَّهِ ذَهَبَ أهْلُ الدُّثُورِ بالدَّرَجَاتِ والنَّعِيمِ المُقِيمِ. قالَ: كيفَ ذَاكَ؟ قالوا: صَلَّوْا كما صَلَّيْنَا، وجَاهَدُوا كما جَاهَدْنَا، وأَنْفَقُوا مِن فُضُولِ أمْوَالِهِمْ، وليسَتْ لَنَا أمْوَالٌ. قالَ: أفلا أُخْبِرُكُمْ بأَمْرٍ تُدْرِكُونَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ، وتَسْبِقُونَ مَن جَاءَ بَعْدَكُمْ، ولَا يَأْتي أحَدٌ بمِثْلِ ما جِئْتُمْ به إلَّا مَن جَاءَ بمِثْلِهِ؟ تُسَبِّحُونَ في دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وتَحْمَدُونَ عَشْرًا، وتُكَبِّرُونَ عَشْرًا".[١١]
"سبحان الله".
"الحمد لله".
"الله أكبر".
المراجع
- ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن يسيرة بنت ياسر، الصفحة أو الرقم:3583، حسن صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1354، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:426، صحيح.
- ↑ "التسبيح باليدين بعد الصلاة المفروضة رابط المادة: "، طريق الإسلام، 23/4/2014، اطّلع عليه بتاريخ 16/1/2021.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم:837، أخرجه في صحيحه.
- ↑ "ما حكم استعمال "السبحة""، دائرة الإفتاء، 24/8/2009، اطّلع عليه بتاريخ 16/1/2021. بتصرّف.
- ↑ ظَافِرُ بْنُ حَسَنْ آل جَبْعَان، "صيغ التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل بعد الصلاة؟"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 16/1/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:597، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم:596، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم:3413، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6329، أورده في صحيحه.