يأتي الركوع في اللغة بمعنى الانحناء والخضوع، وأمّا في الاصطلاح الشرعيّ؛ فهو خفض المصلّي لرأسه مع حني ظهره وفق هيئةٍ مخصوصةٍ في الصلاة، والإجماع منعقدٌ على كون الركوع ركنًا من أركان الصّلاة؛ فلا تصحّ الصلاة دونه؛ ودليل ذلك قول الله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،[١] وما رُوي عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- حين علّم الرجل الذي لم يحسن صلاته في المسجد؛ فقال: "إذَا قُمْتَ إلى الصَّلَاةِ، فأسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ، فَكَبِّرْ واقْرَأْ بما تَيَسَّرَ معكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا.."،[٢][٣] وآتيًا شرحٌ لما يُقال في الركوع من أذكارٍ.
شرح أذكار الركوع
يذكر المصلي في أثناء ركوعه الله تعالى بالتسبيح، وقد وردت صيغٌ متعدّدةٌ له، وقد ذهب جمهور العلماء من الحنفيّة والشافعيّة والمالكيّة والإمام أحمد في روايةٍ عنه إلى أنّ التسبيح في الركوع سنّةٌ، وأمّا الصيغ الواردة للتسبيح الذي يُقال في الركوع، فهي:[٤]
- سبحان ربّي العظيم.
- سبّوحٌ، قُدّوسٌ، ربّ الملائكة والروح.
- سبحانك اللهمّ ربّنا وبحمدك، اللهمّ اغفر لي.
- اللهمّ لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي، وبصري، ومخّي، وعظمي، وعصبي.
- سبحان ذي الجبروت والملكوت والكِبرياء والعظمة.
شرح سبحان ربّي العظيم
جاء في رواية حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أنّه صلّى مع النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- فقال: "ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يقولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ"،[٥] وأمّا معناها: فتنزيه الله تعالى ذي العظمة البالغة عن كلّ نقصٍ وعيبٍ.[٦]
شرح سبّوحٌ، قُدّوسٌ، ربّ الملائكة والروح
فقد روت أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه: "كانَ يقولُ: في رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ المَلَائِكَةِ والرُّوحِ"،[٧] ومعنى السبّوح؛ المنزّه عن النقائص التي لا تليق بألوهيّته، والمنزّه عن وجود شريك له، والقدّوس؛ المطهَّر عن كلّ ما لا يليق بالخالق، وهو -سبحانه وتعالى- ربّ الملائكة، وقيل إنّ المراد بالروح؛ أي أرواح المخلوقات التي خلقها، وقيل الروح هو جبريل عليه السّلام.[٨]
شرح اللهمّ لك ركعت، وبك آمنت...
جاء في رواية علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه: "إذَا رَكَعَ، قالَ: اللَّهُمَّ لكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لكَ سَمْعِي، وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَعَصَبِي"،[٩] ومعنى هذا الذكر؛ إعلان التذلّل والخضوع والانقياد لله تعالى، وإخلاص الجوارح له، وخصّ السمع والبصر بالذكر؛ لأنّ أكثر الزلات والمعاصي تكون بهما، وخضع لله تعالى المخّ والعظم والعصب؛ والعصب ما يشدّ العظام والمفاصل ويصلها في جسم الإنسان.[١٠]
شرح سبحان ذي الجبروت والملكوت والكِبرياء والعظمة
روى عوف بن مالكٍ -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه سمعه في صلاة قيام الليل: "يقولُ في رُكوعِهِ: سُبحانَ ذي الجبَروتِ والملَكوتِ والكِبرياءِ والعَظَمةِ"،[١١] ومعناه إجمالًا تعظيم الله تعالى وتنزيهه، وذي الجبروت؛ أي أنّه -سبحانه وتعالى- جبّارٌ قاهرٌ وغالبٌ لكلّ شيءٍ، ومعنى ذي الملكوت؛ أنّ الله تعالى مالك كلّ شيءٍ والمتصرّف في الكون كلّه، وهو سبحانه متّصفٌ بصفة الكبرياء؛ أي العظمة والاستعلاء والترفّع عن الانقياد.[١٢][١٣]
المراجع
- ↑ سورة الحج، آية:77
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6667، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 126-127. بتصرّف.
- ↑ الموسوعة الفقهية، "ماذا يقال في الركوع"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 07/09/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:772، صحيح.
- ↑ "استحضار معاني أقوال الصلاة وأفعالها"، الإسلام سؤال وجواب، 15/08/2014، اطّلع عليه بتاريخ 07/09/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:487، صحيح.
- ↑ الموسوعة الحديثية، "شرح حديث سبّوح قُدّوس"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 07/09/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن طالب، الصفحة أو الرقم:771، صحيح.
- ↑ الموسوعة الحديثية، "شرح حديث اللهمَّ لك ركَعْتُ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 07/09/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم:873، صحيح.
- ↑ عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود، صفحة 23. بتصرّف.
- ↑ "تعريف وشرح ومعنى كبرياء"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 07/09/2021. بتصرّف.