إنّ ذكر الله تعالى من أجلّ العبادات وأعظم القربات، كما أنّها يسيرةٌ لا تتطلب بذل جهدٍ أو مالٍ، وإنّما القول باللسان والاستشعار الصادق بالقلب،[١] وقد جاءت نصوصٌ شرعيّةٌ كثيرةٌ حاثّةً على الذكر ومبيّنةً فضله، ومنها قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)،[٢] والأذكار متنوّعةٌ كثيرةٌ، ومنها ما هو مختصٌّ بأحوالٍ وأوقاتٍ معيّنةٍ؛ كأذكار الصباح والمساء، وهي من الأذكار التي يستحبّ للمسلم قولها كلّ يومٍ إذا أصبح وإذا أمسى؛ بدلالة قول الله تعالى: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ)،[٣] وبدلالة مواظبة عليها وإرشاد المسلمين لذلك،[٤] وتاليًا شرحٌ لأحد أذكار الصباح والمساء، وهو الذكر الذي روي عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه: "كان إذا أصبحَ وإذا أَمْسَى قال: أَصْبَحْنا على فِطْرَةِ الإسلامِ، وكَلِمَةِ الإِخْلاصِ، ودِينِ نبيِّنا محمدٍ، ومِلَّةِ أَبينا إبراهيمَ، حَنِيفًا مسلمًا وما كان مِنَ المُشْرِكِينَ".[٥]


شرح ذكر أصبحنا على فطرة الإسلام

يُستحبّ للمسلم إذا أصبح أن يقول: "أَصْبَحْنا على فِطْرَةِ الإسلامِ، وكَلِمَةِ الإِخْلاصِ، ودِينِ نبيِّنا محمدٍ، ومِلَّةِ أَبينا إبراهيمَ، حَنِيفًا مسلمًا وما كان مِنَ المُشْرِكِينَ"،[٥]وإذا أمسى قال أمسينا، وهذا الذكر من جوامع الكلم، يرشد النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- فيه أصحابه -رضي الله عنه- ومن بعدهم من المسلمين ويرغّبهم في بداية صباحهم بذكر الله تعالى والتوجّه بالدعاء له، بقول: أصبحنا -أو أمسينا- على فطرة الإسلام، وفطرة الإسلام؛ أي دين الإسلام الحقّ، وأمّا كلمة الإخلاص؛ فهي كلمة التوحيد أي شهادة أنّه لا إله إلا الله تعالى ولا مستحقّ للعبادة سواه، وسبب تسمية كلمة التوحيد بكلمة الإخلاص؛ لأنّ كلمة التوحيد لا تكون سببًا للخلاص والنجاة إلا إذا كانت مقرونةً بالإخلاص لله تعالى، وعلى دين النبيّ محمّدٍ؛ أي على سنّته وطريقته في التديّن والتزام الدين قولًا وفعلًا، وملّة إبراهيم؛ أي باتّباع إبراهيم -عليه السّلام- في أصول الديانة والتوحيد، وحنيفًا أي مائل ومبتعدًا عن الشرك، منقادًا عن الشرك انقيادًا تامًّا لله تعالى ولدينه ومستسلمًا له بحيث لا يلتفت لسواه ولا يحيد عنه، فيكون المسلم بهذا الذكر مجدّدًا لدينه في صباحه ومسائه.[٦]


فضل أذكار الصباح والمساء

إنّ للمداومة والمواظبة على أذكار الصباح والمساء فضلًا عظيمًا ومنافع عدّة، منها انشراح الصدر، وطمأنينة القلب، واستشعار المسلم لمعيّة الله كلّ وقتٍ، في نهاره ومسائه، كما أنّ من ثمرات ذكر الله تعالى؛ أنّه -سبحانه وتعالى- يذكر من ذكره، كما جاء في قول النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- عن الله تعالى في الحديث القدسي: "أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ منهمْ وإنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا، تَقَرَّبْتُ منه باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً".[٧][٨]


المراجع

  1. محمد بن إبراهيم النعيم، "الإكثار من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله)"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 13/09/2021. بتصرّف.
  2. سورة الأحزاب، آية:41-42
  3. سورة ق، آية:39
  4. خالد بن سعود البليهد، "استحباب أذكار الصباح والمساء"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 13/09/2021. بتصرّف.
  5. ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالرحمن بن أبزى، الصفحة أو الرقم:4674، صحيح.
  6. الموسوعة الحديثية، "شرح حديث أصبحنا على فطرة الإسلام"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 13/09/2021. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2675، صحيح.
  8. "فضل المحافظة على أذكار الصباح والمساء والنوم"، إسلام ويب، 11/02/2010، اطّلع عليه بتاريخ 13/09/2021. بتصرّف.