اسم الله الشافي

ثبت اسم الله الشافي في السنة النبوية في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا)،[١] وأما في القرآن الكريم فلم يرد بصيغة الاسم، وإنما ورد بصيغة الفعل في قول الله -تعالى-: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)،[٢] وقوله أيضاً: (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ)،[٣] وآتياً بيان معنى وشرح اسم الله الشافي:


معنى اسم الله الشافي في اللغة

الشافي من الشفاء، ويعني في اللغة البرء من المرض والتعافي منه، ورفع الأذى والألم عن القلب والبدن،[٤] فيقال: "شفاه الله يشفيه، واستشفى: أي طلب الشفاء"، قال ابن فارس في مقاييس اللغة: "(شفى) الشين والفاء والحرف المعتل يدل على الإشراف على الشيء؛ يقال: أشفى على الشيء إذا أشرف عليه، وسمي الشفاء: شفاء؛ لغلبته للمرض وإشفائه عليه، ويقال: استشفى فلان؛ إذا طلب الشفاء، ويقال: أعطيتك الشيء تستشفي به، ثم يقال: أشفيتك الشيء".[٥]


معنى اسم الله الشافي في حقّه -سبحانه-

إن الله -عزّ وجلّ- هو الشافي الحقيقي والوحيد لجميع الأمراض والعلل مهما بلغت في الخطورة، حيث إن الشفاء منه، فلا شافي إلا هو، ولا شفاء إلا شفاؤه، فهو الذي يشفي أمراض الأبدان والأرواح، والقلوب والصدور، ويكشف البأس ويرفع الضر، ويدفع العلّة، وذلك بقدرته ورحمته ومشيئته -سبحانه-، فلا أحد يقدر على ذلك إلا هو.[٦]


فالله -تعالى- يشفي الأمراض والعلل التي تصيب الأجسام والأبدان، في أي جزءٍ أو عضوٍ منها، ويشفي الأمراض والعلل التي تصيب القلوب والصدور؛ كالشكوك والأوهام، والشبه والآفات، ويعطيها الراحة والطمأنينة، قال الحليمي -رحمه الله-: "الله -عز وجل- يشفي الصدور من الشبه والشكوك، ومن الحسد والغلول، والأبدان من الأمراض والآفات لا يقدر على ذلك غيره، ولا يدعى بهذا الاسم سواه".[٧]


ومن الجدير بالذكر أن وجود الأطباء والمعالجين والأدوية والرقى، إنما جعلها الله -تعالى- أسباباً يتوصل من خلالهم على الشفاء والعلاج بإذنه -سبحانه-، فالله -تعالى- يشفي بها وبغيرها، فلم ينزل الله -تعالى- داء إلا وأنزل له شفاء ودواء، فهو الذي خلق الداء والدواء والشفاء وأسبابه -جلّ وعلا-.[٨]


أسباب أنزلها الله للشفاء

إن من الأسباب التي جعلها الله -تعالى- شفاء وعلاجاً كثيرة، منها:[٩]

  • القرآن الكريم: فقد أنزله الله -تعالى- شفاء ورحمة وهدى لعباده، فقال -تعالى-: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا).[١٠]
  • الدعاء: إن دعاء الله -تعالى- والالتجاء إليه من الأسباب العظيمة للشفاء، إن كان المسلم صادقاً بدعائه موقناً بالإجابة، جاء في الحديث: (ما مِن عبْدٍ مُسلمٍ يعودُ مريضًا لم يحضُرْ أجَلُه، فيقول سبْعَ مرَّاتٍ: أسأَلُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أنْ يشفِيَك، إلَّا عُوفِيَ).[١١]
  • العسل: حيث قال -تعالى-: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ* ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ).[١٢]


الآثار الإيمانية لاسم الله الشافي

إن العبد إذا عرف اسم الله الشافي أيقن واعتقد أن الله -تعالى- هو الشافي الحقيقي، وأنه خالق الأسباب والمسببات، فيتعلّق به ويتوكل عليه في كل أمور حياته، فيعبده ويلتجئ إليه، ويتوسل إليه في حالة المرض والصحة، فيعلم أنه لا يقدر أحد على نفعه وضره إلا بإذنه -سبحانه، كما أنه يدعوه باسمه الشافي لنفسه ولغيره عند حدوث الأمراض، وهذا مما يثمر في قلبه محبته وتوحيده والتقرب إليه.[١٣]


كما أن الإيمان باسم الله الشافي يجعل العبد راضياً بما قسمه الله -تعالى صابراً على ما قدره له في حياته، حيث أننا لا نعلم الحِكم من بعض الأمور التي تجري في حياتنا، أو أن العقل يعجز عن استيعابها، فقد يكون هناك حِكم وفوائد عظيمة من المرض الذي يصيب العبد؛ حيث يكون مرضه مصلحة له ورحمة، وعاقبته خير له، وقد يتأخر الشفاء لحكمة إلهية لا تُعلم، كما أن المرض سبب لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات، وزيادة الحسنات ومضاعفة الأجر.[١٤]



مواضيع أخرى:

معنى وشرح اسم الله المهيمن

ما معنى اسم الله القيوم؟


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5675، حديث صحيح.
  2. سورة الشعراء، آية:80
  3. سورة التوبة، آية:14
  4. سعيد بن وهف القحطاني، شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 227-228. بتصرّف.
  5. نوال العيد، موسوعة شرح أسماء الله الحسنى، صفحة 425. بتصرّف.
  6. محمد إبراهيم التويجري، موسوعة فقه القلوب، صفحة 323. بتصرّف.
  7. سعيد بن وهف القحطاني، الثمر المجتنى مختصر شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسُّنَّة، صفحة 149-155. بتصرّف.
  8. "معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها - (الشافي) "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2022. بتصرّف.
  9. "شرح اسم الله ( الشافي )"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2022. بتصرّف.
  10. سورة الإسراء، آية:82
  11. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2083، حسن غريب.
  12. سورة النحل، آية:68-69
  13. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة العقدية الدرر السنية، صفحة 339. بتصرّف.
  14. نوال العيد، موسوعة شرح أسماء الله الحسنى، صفحة 441-443. بتصرّف.