ثبوت اسم الله المصوّر
اسم الله المصوّر من أسماء الله الحسنى التي ثبت في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد ورد في القرآن الكريم مرة واحدة، فقال -تعالى: (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ)،[١] وورد أيضاً بصيغة الفعل مرات عديدة، كقوله -تعالى-: (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ)،[٢] كما وثبت في السنة النبوية في قوله -صلى الله عليه وسلم- في سجوده: (سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ).[٣][٤]
بيان معنى اسم الله المصّور في اللغة
المصوّر في اللغة مشتق من الفعل صوّر يصوّر، فهو اسم فاعل للاسم الموصوف، فيقال صوّر الشيء؛ أي جعل له شكلاً معلوماً، وقطّعه وفصّله وميّزه عن غيره، ويقال صرت إلى الشيء أي أملته، فصوْر الشيء؛ أي الميل والتحريك، ومنه قوله -تعالى-: (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ)،[٥] أي أملهنّ وأجمعهنّ إليك، ويقال تصوّرت الشيء؛ أي تخيلته وتوهمته، ومنه صورة الشيء؛ أي شكله وهيئته، وصفته وحقيقته.[٦][٧]
بيان معنى اسم الله المصوّر في حقه -سبحانه-
هو اسم من أسمائه -سبحانه- يدلّ على معنى الخلق والإيجاد والتخصيص والتصوير، حيث إن الله لمّا خلق الخلق وأوجدهم صوّرهم على أشكالٍ مختلفةٍ، وهيئاتٍ متباينةٍ، وجعل للأشياء والموجودات أشكالاً وصفاتٍ متمايزة، فأوجد وأبدع ونوّع وصوّر ورتبّ بشتّى أنواع الصور، فأعطى كل شيء صورة منفردة عن غيره، وهيئة خاصة تميزه، بلا تماثل ولا تشابه ولا تساوي، فالجميع مختلف من ناحية الطول والقصر، والذكورة والأنوثة، والحُسن والقبح، والذات واللون، والشكل والصفة، فكل مخلوق له صورة مستقلة، وطبع خاص، وسمات وملامح تميّز شخصيته وتمنح وجوده.[٨][٩]
وكل هذا وِفق تقديره وحكمته -سبحانه- ورحمته وعلمه، فتصويره للمخلوقات والموجودات والأشياء بهيئات وأشكال مختلفة بحسب ما اختاره وأراده، وما يتناسب مع مصالح الخلق، فهو الذي أحسن خلق السموات والأرض، وخلق الإنسان على أحسن صورة، وأكمل تقويم، وأفضل هيئة، فقال -تعالى-: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ)،[٢] وقال أيضاً: (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ* الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ* فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ).[١٠][٨]
الفرق بين (الخالق، البارئ، المصور)
ذكر الله -سبحانه وتعالى- أسماءه الثلاثة هذه متتالية في الآية التي ذكرت سابقاً، مما يدل على وجود علاقة وترابط بينهم، مع فارقٍ في المعنى؛ فجميعها فيها معنى الخلق والإيجاد، إلا أنها تكون على ثلاث مراحل بالترتيب، فأولّها الخلق والتقدير والإخراج من العدم، ثم الإيجاد والإبداع والخلق على ما قدّر من غير تفاوت، ثم التصوير بصور مختلفة؛ بإعطاء كل مخلوق هيئته وصورته الخاصة، فمرحلة التصوير تأتي في المرحلة الثالثة بعد الخلق والبرء، فاسم الله الخالق عام، والبارئ أخصّ منه، والمصوّر أخصّ الأخصّ.[١١]
نصيب المؤمن من اسم الله المصوّر وأثره
إن التعرّف على اسم الله المصور، وكذا الخالق والبارئ تجعل العبد يحقق توحيده، ويؤمن بربوبيته وألوهيته، فيعلم أن الخلق والأمر كله بيد الله، فهو -سبحانه- خلق وأوجد وصوّر ونوع في الخلق وقدّر، فالإيمان بهذا الاسم يستلزم إفراد الله بالعبادة وتوحيده، وكذلك المتأمل في خلق الله وتصويره لعباده، وهدايتهم، ورعايتهم، وتسخير كل شيء لخدمته تجعل العبد يتعلق بالله -تعالى- ويزداد حبّه له.[١٢]
ومن آمن باسم الله المصوّر اقتنع بالخلقة التي صورها الله به، وحمد الله عليها، بأن كرّمه وأحسن خلقه، كما يُكرّم ما خلقه الله وصوّره، ويبتعد عن الامتهان والعبث والتغيير والتمثيل، ويحذر من تعييب أحد على خلقه وشكله، ويوقن أن الله امتنّ على جميع خلقه بخلقهم بأحسن صورة، وأن التفاضل بين الخلق في التقوى والإيمان لا الشكل والصورة، وهذا جديرٌ بكثرة اجتهاده في العبادة والعمل الصالح؛ فهو سبب النجاة يوم القيامة.[٧][١٣]
مواضيع أخرى:
معنى وشرح اسم الله "لفظ الجلالة"
المراجع
- ↑ سورة الحشر، آية:24
- ^ أ ب سورة التغابن، آية:3
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:771، حديث صحيح.
- ↑ " المُصَوِّرُ"، الدرر السنية الموسوعة العقدية، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:260
- ↑ نوال العيد، موسوعة شرح أسماء الله الحسنى، صفحة 303. بتصرّف.
- ^ أ ب "المصوّر"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2022. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد إبراهيم التويجري، موسوعة فقه القلوب، صفحة 165. بتصرّف.
- ↑ "شرح اسم الله الخالق المصوِّر"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة الانفطار، آية:6-8
- ↑ "معنى اسم الله عز وجل المصور"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2022. بتصرّف.
- ↑ نوال العيد، موسوعة شرح أسماء الله الحسنى، صفحة 325. بتصرّف.
- ↑ نوال العيد، موسوعة شرح أسماء الله الحسنى، صفحة 328. بتصرّف.