معنى وشرح اسم الله الرحمن
معنى اسم الرحمن في اللغة
الرحمن اسم مشتق من الرحمة على وجه المبالغة على وزن فعلان، وصفة دالة على اللزوم والثبات والكمال، واسم الرحمن أشد مبالغة من اسم الرحيم، فالرحمن يدلّ على الرحمة العامة، وتعني الرحمة في اللغة الرقة والشفقة، والتعطف والرأفة،[١] قال الجوهري -رحمه الله-: "الرحمة: الرقة والتعطف، والمرحمة مثله، وقد رحمته وترحمت عليه، وتراحم القوم: رحم بعضهم بعضاً، والرحموت من الرحمة، والرحمن والرحيم: اسمان مشتقان من الرحمة، ونظيرهما في اللغة: نديم وندمان، وهما بمعنى...".[٢]
معنى اسم الرحمن في حق الله
إن الله -عزّ وجلّ- هو المتصف بالرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة، أي أن رحمته عامة، تشمل المؤمن والكافر في الدنيا، وخاصة بالمؤمنين فقط في الآخرة، فالرحمة صفة كمال وجمال لله -عز وجلّ- لائقة بذاته كسائر صفاته العلى وأسمائه الحسنى، فهي صفة ذاتية من حيث اتصافه -تعالى- بالرحمة.[٣]
والله -سبحانه وتعالى- ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء، وعمت كل مخلوق، قال -تعالى-: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)،[٤] ومما ينبغي الإشارة إليه أن الرحمن هو اسم خاصٌ بالله -تعالى-، لا يجوز أن يتسمّى به مخلوق، فقال في كتابه: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ۚ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا).[٥]
مظاهر رحمة الله -تعالى-
إن سعة رحمة الله -تعالى- عمَّت جميع الوجود بحسب ما تقتضيه حكمته -سبحانه-، وخصَّ المؤمنين منها بالنصيب الأوفر والحظ الأكمل، فالنعم والخيرات في الدنيا والآخرة كلها من آثار رحمته، فبرحمته خلق المخلوقات وأوجدهم من العدم على صورة محكمة، فخلق الإنسان وعلّمه، وفضله وكرمه، وجعله في أحسن صورة، وأرسل إلى عباده الرسل، وأنزل عليهم الكتب، وعلمهم من الجهالة، وهداهم من الضلالة، وأرشد الناس إلى مصالح دينهم ودنياهم، وقام برعايتهم بالتدبير، والتصريف، والحفظ، وسوق الأرزاق والمعاش.[٦][٧]
ومن رحمته خلق السموات والأرض، والشمس والقمر، وجعل الليل والنهار، وبسط الأرض وجعلها مهاداً وفراشاً، وقراراً وكفاتاً للأحياء والأموات، وأنشأ السحاب، وسيّره في البلاد، وسقى به العباد، وأنزل الغيث، فأنبت به الزروع والأشجار، ووضع الرحمة بين عباده ليتراحموا بها، وكذا بين سائر أنواع الحيوان، فهذا التراحم الذي بينهم بعض آثار الرحمة التي هي صفته ونعمته.[٦]
ومن رحمته أنه سخَّر الشمس والقمر، والرياح والمياه، والخيل والإبل والأنعام، وذلَّلها منقادة للركوب والحمل، والدرّ والنسل والأكل، وسخّر الأرض للإنبات، وغير ذلك من المظاهر والآثار الكثيرة التي تدل على رحمة الله، مما لا يمكن عدّه ولا إحصاؤه، ولا جحده ولا إنكاره، فرحمته وسعت كل شيء في العالم العلوي وفي العالم السفلي، ووسعت البارّ والفاجر، والمسلم والكافر، فما من أحد إلا وهو يتقلب في رحمة الله -تعالى-.[٦][٨]
أثر اسم الرحمن على العبد
إذا تأمل العبد سعة رحمة الله وعظمتها؛ أثمر ذلك في نفسه الرجاء وعدم اليأس من رحمة الله ومغفرته، وبعث في قلبه الرغبة والطمع والرجاء في رحمة الله، وبثّ في روحه الأمل وحسن الظن، وقاده إلى محبته -تبارك وتعالى-؛ إذ النفوس جبلت على محبة من يحسن إليها ويرفق بها ويعطف عليها، وقاده أيضاً إلى الحياء منه والخجل؛ إذ كيف يعصي من يحسن إليه برحمته، وحَرِص على الاتصاف بالرحمة، وجاهد نفسه على التخلق بها، وسعى في دعاء الله وطلب الرحمة والمغفرة منه.[٩][١٠]
المراجع
- ↑ "معنى اسم الرحمن الرحيم "، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 15/8/2022. بتصرّف.
- ↑ نوال العيد، موسوعة شرح أسماء الله الحسنى، صفحة 397. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة العقدية الدرر السنية، صفحة 471. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية:156
- ↑ سورة الإسراء، آية:110
- ^ أ ب ت محمد إبراهيم التويجري، موسوعة فقه القلوب، صفحة 135-138. بتصرّف.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 152-154. بتصرّف.
- ↑ عبد الرزاق البدر، فقه أسماء الله الحسنى، صفحة 83-86. بتصرّف.
- ↑ "شرح وأسرار الأسماء الحسنى - (4) الرحمن الرحيم "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 15/8/2022. بتصرّف.
- ↑ "معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (الرحمن - الرحيم)"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 15/8/2022. بتصرّف.