إنّ ما أجلّ ما ينبغي على الفرد المُسلِم هو التّعرّف على خالِقه ومولاهُ، إذ المعرفة الحقيقيّة باللّه سبحانه وتعالى هي أعظمُ الغاياتِ؛ ومن أجلِ ذلِك خلقَ الله تعالى الخَلق، أيْ خلقَهم ليعبُدوه، وكيفَ يُعبَد المجهول؟ لذلِك يجبُ على كلّ عبدٍ أن يستشمر حياتَه كلّها في سبيل التّعرف على ربّه جلّ وعلا؛ حتّى يؤدِّيَ حقّ عبادتِه على أكملِ وجهٍ ممكن، ومن أعظم الوسائِل التي تُقرّب معرفةَ الخالِق للمخلوقِ هي التّعرف على أسمائِه الحسنى، وصفاتِه العلا، وقد جاء القُرآن الكريم مليئاً بأسمائِه سبحانه وصفاتِه؛ فلا تكاد تجدُ آيةً إلا وذُكِر فيها اسمٌ أو اسمان،[١] وإنّ لفظَ الجلالةِ أو اسمَ الجلالةِ (الله) هو اسمٌ لربّنا سبحانه أيْ للذّات الإلهيّة، يُعرَف به ولا يُسمّى غيره به، وهو الاسم الأكبرُ الأعظم الجامِع لصفاتِه الجليلة سبحانه، الموصوف به لكلّ أنواعِ الكمالاتِ، ومن بعدِه تأتي سائِر الأسماءِ والصّفات.[٢]


معنى وشرح اسمِ الله "لفظُ الجلالة"


معنى اسم الله

  • اسم الله لغةً: هو اسمٌ مشتقٌ من الفعلِ ألِه يألهُ؛ فهو المألوه أيْ المعبود تعظِيماً وحباً، وإذا قِيل: ألِه الرجل أيْ إذا تعبّد وتنسّك، وقِيل: هو مشتقٌ من الفعل (لاهَ) ثمّ دخلت عليه الألف واللام للتّعظيم، وقِيل: هو من (ولَه) أيْ أبدلَت واوه همزةً، ومعناهُ: أيْ تحتارُ الألباب فيهِ، وفي حقيقة صفاتِه وأسمائِه، وتذهبُ في التّفكر في التّعرف عليه.[٢]
  • اسم الله اصطلاحاً: هو الاسم الجليل الذي يجمع سائِر الصّفات الكاملة، الذي يتصف بها سبحانه، فهو الإله المعبود المستحقّ للعبادة؛ وذلِك لما اتّصف به من صفات الألوهيّة التي هي الكمال المُطلق، وتدلّ على صفاتهِ المطلقة الكاملة تلك أسماؤه الحسنى كلُّها، والمألوه يؤلَه لما فيه من صفاتٍ كاملةٍ؛ إذ لها وبها يُؤلَه ويُعبَد ويُخضَع له عزّ وجلّ، وإذا أدرك العبد وتقرّر في قلبِه أنّ الله سبحانه هو الإله المألوه، توجّه إليه بكلّه، وجعل خوفَه وحبّه ورجاءَه له وحدَه، ولم يلتفت إلى غيره، أو يتعلّق بما سِواه.[٣]


شرح اسمِ الله

  • إنّ اسم الله تعالى هو عَلمٌ على ذاتِه العليّة المُقدسة، فلا يتشارك فيه معه غيرُه، دالٌ على مطلق صفاتِ التّمام على الدّوام، فهو الذي يشمل كافّة الكمالات الحسنى، إذ تجيءُ من بعدِه ما تبقّى من المُسميّات والأوصاف، قال تعالى مُعرفاً عن نفسِه في أعظمِ آيةٍ في كتابِه العزيز: (اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ..).[٤][٢]
  • إنّ اسمَ الله هو اسم للموجود الحقّ تعالى، الموصوف بكافّة الصّفات الإلهيّة والأوصاف الربّانيّة، فهو الموجود الحقيقيّ الذي يبقى وحدَه ويفنى كلّ شيءٍ، المُتفرّد بالعبوديّة وحدَه، لا يقدر عليه أحد، وله العبوديّة والألوهيّة المطلقة على كلّ خلقِه وما خلق.[٢]
  • إنّ اسم الله سبحانه يتضمن الإلهيّة، أيْ العبادة؛ وهذه العبادة أعلى االمقاماتِ، وهي غايةُ الذلّ مع غايةَ الحبّ لله سبحانه وتعالى، وإنّ العبد كلّما تبحّرفي معرفتِه، ازدادَ حباً له وتعظيماً لملكوتِه وألوهيتِه، ولا يصل العبد إلى تمام العبوديّة، حتّى يصل لغاية الذلّ والتذلل له سبحانه، وما إن يصل حتّى تعلو المحبّة في قلبه، ويمتلئَ الفؤاد منها؛ فلا يكون في قلبِه وفكرِه غيرُ الله تعالى وحبّه والتّعلق به وحدَه.[٥]
  • إنّ اسم الله سبحانه شاملٌ لكلّ كمالٍ؛ لأنّ الألوهيّة تشتمل على كلّ الكمالات التي لا تكادُ تُحصى وتعدّ، ولأنّ الألوهيّة هي دوام الحياة واستمرارها فلا يستحقّ الألوهيّة إلا الله؛ لأنّه هو الحيّ الذي لا يموت.[٦]


المراجع

  1. سعد عبد الرحمن ندا، مفهوم الأسماء والصفات، صفحة 56. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث "الله.. معناه واشتقاقه"، إسلام ويب، 12/3/2012، اطّلع عليه بتاريخ 10/9/2021. بتصرّف.
  3. "معنى اسم الله والدليل على أنه خالق كل شيء"، إسلام ويب، 18/10/2012، اطّلع عليه بتاريخ 10/12/2021. بتصرّف.
  4. سورة البقرة، آية:255
  5. محمد حسن عبد الغفار، شرح أصول اعتقاد أهل السنة/ للالكائي، صفحة 10. بتصرّف.
  6. ناصر العقل، شرح التدمرية، صفحة 6. بتصرّف.