دعاء دخول المنزل الجديد
ثبت في الحديث عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قالَ الشَّيْطَانُ: لا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وإذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ، وإذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قالَ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ وَالْعَشَاءَ).[١]
ويكون الذّكر كقول المسلم "باسم الله"، وهو لا يخص المنزل الجديد، بل هو عام يشمل المنزل الجديد وغيره، وإذا كان ذكر الله مستحباً عند كلّ دخول للمنزل، كان أوْلى بالمسلم أنْ يستفتح دخول منزله الجديد بذكر الله -عزّ وجلّ-.[٢]
وفي باب الذّكر الذي تُحفظ به النّعم، وما يقال عندها يذكر الإمام ابن القيم -رحمه الله- تعقيباً على قول الله -عزّ وجلّ-: (وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا)؛[٣] فيقول: "فينبغي لمن دخل بستانه، أو داره، أو رأى في ماله وأهله ما يعجبه أن يبادر إلى هذه الكلمة، فإنه لا يرى فيه سوءا".[٤]
ويحسنُ بالمسلم عند دخول البيت الجديد أنْ يقول "الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات"؛ ففي الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذا أَتاهُ الأَمرُ يَسُرُّه، قالَ: الحمدُ للهِ الَّذي بنِعمتِهِ تَتِمُّ الصَّالحاتُ، وإذا أَتاهُ الأَمرُ يَكرهُه، قالَ: الحمدُ للهِ على كُلِّ حالٍ).[٥]
أذكار وأدعية مناسبة للمنزل الجديد
من الأذكار والأدعية المناسبة للبيت الجديد ما يأتي:
- قراءة سورة البقرة
قراءة سورة البقرة فيه حفاظة للبيت وأهله من الشيطان، وفيه تحصين من الأذى والشّرور -بإذن الله-، ومن جملة ما يؤكّد ذلك ما ثبت في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ).[٦]
- (وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلًا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ).[٧]
- يدعو المسلم بما يفتح الله -تعالى- عليه من الأدعية التي يرجو الله بها أنْ يبارك له فيه بيته وأهله، وأنْ يحفظ عليه نعمه، وأنْ يجعل السّكن في منزله الجديد أمناً وأماناً، وأنْ يعينه فيه على زيادة الطّاعات ودوام الذّكر.
المنزل الجديد نعمة تستحقّ الشّكر
قول النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث السابق: "الحمدُ للهِ الَّذي بنِعمتِهِ تَتِمُّ الصَّالحاتُ" تعني: تلك الأمور التي يصلح بها أمر المسلم في الدنيا والآخرة، وحمد الله -تعالى- عليها من باب نسبة الفضل إلى صاحب الفضل؛ فهو -سبحانه- المتفضّل على عباده بواسع الفضل وعظيم النّعم.[٨]
والبيت الجديد الذي أقامه المسلم من مالٍ حلال ليستر زوجه وأبناءه هو من نِعَم الله -تعالى- التي تستوجب الشّكر؛ امتثالاً لأمر الله -عزّ وجلّ- إذ يقول: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)،[٩] وإذا شكر العبد نِعمَ الله عليه حفظها له، وزاد له فيها وباركها.
وتأكيداً على هذا المعنى جاء في الحديث عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أربعٌ مِن السَّعادةِ: المرأةُ الصَّالحةُ والمسكَنُ الواسعُ والجارُ الصَّالحُ والمركَبُ الهنيءُ، ...)،[١٠] ومن هنا كان إقامة الوليمة للبناء الجديد مستحباً عند أهل العلم، وتسمّى "الوكيرة"، وفيها إظهار شكر لله -تعالى- على تمام نعمته ببناء المنزل الجديد.[١١]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2018 ، صحيح.
- ↑ فريق الموقع (9/1/2007)، "هل هناك أدعية خاصة لحفظ المنزل الجديد ؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 6/5/2023. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية:39
- ↑ ابن القيم (2019)، الوابل الصيب (الطبعة 5)، الرياض:دار عطاءات العلم، صفحة 305، جزء 1.
- ↑ رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1864 ، صحيح الإسناد.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:780 ، صحيح.
- ↑ سورة المؤمنون، آية:29
- ↑ فريق الموقع، "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 6/5/2023. بتصرّف.
- ↑ سورة إبراهيم، آية:7
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم:4032 ، أخرجه في صحيحه.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الشاملة (الطبعة 2)، الكويت:دارالسلاسل، صفحة 207، جزء 8. بتصرّف.