اسم الله اللطيف

اللطيف من أسماء الله الحسنى الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية، قال الله -تعالى-: (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)،[١] وجاء في الحديث الشريف في حوار النبي -صلى الله عليه وسلم- مع عائشة -رضي الله عنها-: (..فَدَخَلَ، فَقالَ: ما لَكِ يا عَائِشُ؟ حَشْيَا رَابِيَةً؟ قالَتْ: قُلتُ: لا شَيءَ، قالَ: لَتُخْبِرِينِي، أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الخَبِيرُ، قالَتْ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، بأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فأخْبَرْتُهُ...).[٢]


معنى اسم اللطيف في اللغة

اللطيف في اللغة صفة مشبهة للموصوف باللطف، وجذره لطف يلطف لطفاً، قال ابن فارس -رحمه الله-: "(لطف) اللام والطاء والفاء أصل يدل على رفقٍ، ويدل على صغرٍ في الشيء، فاللطف: الرفق في العمل؛ يقال: هو لطيف بعباده، أي رؤوف رفيق"، ولطف الشيء رقته واستحسانه وخفته على النفس، ويطلق على الشيء الخفي، ويقال اللطف: "الرقة والحنان والرفق"، فاللطيف من أسماء الجمال لله -سبحانه-.[٣][٤]


معنى اسم اللطيف في حق الله

يدور معنى اسم الله اللطيف في حقّه -سبحانه- حول معنييْن، وبيانهما كما يلي:[٥][٦]


المعنى الأول: اللطيف بمعنى الخبير

إن الله -سبحانه- هو اللطيف الخبير؛ الذي أحاط علمه بالأسرار والخفايا، وأدرك الخبايا والبواطن، ووصل علمه إلى كل خفيّ من مكنونات الصدور ومغيبات الأمور، فعلمه دقّ ولطف حتى أدرك الضمائر والخفيات، فاجتمع له العلم بدقائق المصالح وإيصالها إلى من قدرها له من خلقه، مع الرفق بالتنفيذ والفعل.

فهو العالم بكل شيء، الذي لا يفوته من العلم شيء وإن دقّ وصغر وخفي، حتى الخردلة التي لا وزن لها لا تخفى عليه، قال -تعالى-: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ).[٧]


المعنى الثاني: اللطيف بمعنى الرفيق

إن الله -سبحانه- هو البرّ بعباده، الذي يلطف ويرفق بهم ويحسن إليهم من حيث لا يعلمون، ويرزقهم من حيث لا يحتسبون، وييسر أمورهم ويستجيب دعاءهم، فيسوق العبد إلى البر والإحسان من حيث لا يشعر، ويعصمه من الشر من حيث لا يحتسب، ويرقّيه إلى أعلى المراتب والمنازل بأسبابٍ لا تخطر على باله.


فييسّره لليسرى ويجنّبه العسرى، ويذيقه المكاره ليتوصل بها إلى المحابّ الجليلة، والمقامات النبيلة، وهي عين صلاحه والطريق إلى سعادته، ويوصل إلى العبد ما يحب في رفقٍ من حيث لا يعلم، وييسر له أسباب المعيشة، فهو يتولى العبد بلطفه، ويتمَّ عليه إحسانه، ويشمله بكرمه ورحمته، و قال -تعالى-: (اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ).[٨]


أثر الإيمان باسم الله اللطيف

إذا علم العبد أن ربه لطيف دقّ علمه، أورثه ذلك مراقبته -عز وجل-، ومحاسبة نفسه على أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته، فإنه في كل وقت وحين بين يدي اللطيف الخبير، وعندما يتأمل لطف الله -سبحانه وتعالى- بعباده وأنه يريد بهم الخير واليسر، وييسر لهم أسباب الصلاح والبر ازداد تعلقاً بالله -تعالى- وازدادت محبته، فيدفعه إلى تعظيم حرماته والدعوة إليه، والتضحية بنفسه وماله في سبيله، وسعى أن يكون رفيقًا بالمسلمين، محسنًا إليهم، بارًّا بهم، يحب الخير لهم ويفعله لهم، ويكره الشر لهم.[٩]



مواضيع أخرى:

معنى وشرح اسم الله البارئ

معنى وشرح اسم الله المهيمن


المراجع

  1. سورة الأنعام، آية:103
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:974، صحيح.
  3. "شرح وأسرار الأسماء الحسنى - (5) اللطيف جل جلاله "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 21/8/2022. بتصرّف.
  4. نوال العيد، موسوعة شرح أسماء الله الحسنى، صفحة 285. بتصرّف.
  5. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة فقه القلوب، صفحة 197-198. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة العقدية الدرر السنية، صفحة 499. بتصرّف.
  7. سورة لقمان، آية:16
  8. سورة الشورى، آية:19
  9. "معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (اللطيف)"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 21/8/2022. بتصرّف.