سيّد الاستغفار
يُسمّى سيّد الاستغفار بسيّد الأذكار؛ لِما له من ثواب عظيم وأجر كبير، بالإضافة إلى ما يشتمل عليه من مَعانٍ عظيمة، وهو إلى جانب أهميّته العظيمة للمسلم، وما له من فضائل -سيأتي ذِكرها في المقال- يتميّز بسرعة استجابته وقبوله؛ ولعلّ هذه الأسباب كانت السبب في تسميته بسيّد الاستغفار، وسيّد الأذكار،[١] وفي المقال الآتي بيان لصيغته، ودلالاته، وفضائله.
صيغة سيّد الاستغفار
يُعدّ سيّد الاستغفار واحداً من الأذكار التي يحرص المسلم عليها في كلّ صباح ومساء كما أوصى الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ فقد ثبت في المأثور ممّا أخرجه الإمام البخاري من حديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال:
"اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ".[رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:6323، صحيح.]
معاني الألفاظ في سيّد الاستغفار
يتميّز سيّد الاستغفار بالدلالات العميقة لألفاظه المُحكَمة، وتوضيح هذه الدلالات على النحو الآتي:[١]
- اللهمّ أنت ربّي: وذلك يُعَدّ إقراراً وإثباتاً من العبد بربوبيّة خالقه -عزّوجلّ-، ووحدانيّته؛ إذ لا إله غيره، وهو المُتفرِّد بالخلق، والتدبير، والمُلك، والقدرة، والسُّلطة، وجميع الأمور الأخرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
- لا إله إلا أنت: وهي شهادة التوحيد التي يقوم عليها إيمان المسلم، وتتلخّص فيها كينونة الوجود، وغايته، وهي مع ما تشتمل عليه من مَعانٍ عظيمة؛ طلباً لمغفرة الذنوب من الله -سبحانه وتعالى-، لتشتمل أيضاً على جوهر العقيدة الإسلامية الحقّ، وتجدر الإشارة إلى أنّ نبيّ الله يونس -عليه السلام- دعا الله وتوسّل إليه بها وهو في بطن الحوت؛ إذ قال -تعالى- على لسان نبيّه الكريم: "وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ".[٢]
- خلقتَني وأنا عبدُك: وهذا إقرار آخر واعتراف من العبد أنّ الله -سبحانه وتعالى- هو الخالق المُدبّر لكلّ شيء، وهو الإله القادر على خلق أيّ شيء من العَدم، كما أنّ فيه إقراراً منه بعبوديّته لله -عزّ وجلّ-، ورضاه بأقداره.
- وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت: وفي هذا تأكيد من المسلم أنّه ملتزم بالعهد الوثيق الذي بينه وبين الله -عزّ وجلّ- ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وقائمٌ بِما أوكله إليه من الأوامر والطاعات، ومُذعنٌ لمشيئته، ومُجتنِبٌ لنواهيه.
- أعوذ بك من شرّ ما صنعت: وفي ذلك لجوءٌ من العبد إلى ربّه -عزّ وجلّ-، واستعاذة به من الشرور والذنوب التي ارتكبها؛ فالله -تعالى- هو القادر على غفرانها والتجاوز عنها.
- أبوء لك بنعمتك عليَّ: فما يَنعمُ به المسلم من نِعَم لا تُعدّ ولا تُحصى جميعها من الله -سبحانه وتعالى- وحده؛ لذلك كان حقّاً عليه أن يعترف بها، ويشكر الله -تعالى- عليها، فلا يجعلها في غير طاعته ورضاه.
- وأبوء لك بذنبي: وهو اعتراف من العبد بذنوبه وخطاياه.
- فاغفر لي فإنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت: وفي ذلك رجاء العبد من الله -عزّ وجلّ- أن يغفر له ذنوبه، وخطاياه؛ إذ إنّه الوحيد المُتصرّف بالأمر، والقادر عليه.
فضل سيّد الاستغفار
أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "... ومَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ"،[٣] وفي هذه دلالة واضحة على أنّ سيّد الاستغفار سبب في دخول المسلم الجنّة إذا التزمه وكان موقِناً به، كما أنّه صفة الأنبياء والمُتَّقين،[٤] إلى جانب عدّة فضائل أخرى، من أهمّها:
- تثبيت الإيمان، واليقين، من خلال الإقرار بوحدانيّة الله -تعالى-، وتسبيحه، وتمجيده.[٥]
- نيل الأجر العظيم، والثواب الجزيل؛ من خلال الإقرار بنِعَم الله -تعالى-، وشُكره عليها.[٦]
- تيسير الرزق، وتفريج الهموم والغموم، وفكّ الكُربات، وغيرها من النِّعَم.[٦]
- مغفرة الذنوب، والعفو عنها، ونيل التثبيت من الله -تعالى- على التزام الطاعات، وتجنُّب المُحرَّمات.[٥][٦]
المراجع
- ^ أ ب د. مهران ماهر عثمان، "سيد الاستغفار"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 12/1/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية:87
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:6323، صحيح.
- ↑ خالد الراشد، دروس الشيخ خالد الراشد، صفحة 1. بتصرّف.
- ^ أ ب عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 17. بتصرّف.
- ^ أ ب ت سعد البريك، دروس الشيخ سعد البريك، صفحة 10. بتصرّف.