الجواد من أسماء الله الحسنى
اسم الله "الجواد" من أسماء الله الحسنى، وهذا ما أثبته أهل العلم، ومنهم ابن مَنده في كتابه التوحيد، والبيهقي في كتابه الأسماء والصفات، والقرطبي في كتابه الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى؛ حيث جاء ذكر اسم الله الجواد في السّنة النّبوية في عدّة مواضع، ومنها ما يأتي:[١]
- عن سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ اللهَ كريمٌ يُحبُّ الكُرَماءَ، جوادٌ يُحبُّ الجَوَدَةَ، يُحبُّ معاليَ الأخلاقِ، ويكره سَفْسافَها).[٢]
- عن أبي ذرّ الغفاري -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: (يقولُ اللهُ -عزَّ وجلَّ- يا عِبادي كلُّكم ضالٌّ إلا مَن هَدَيتُ، فسَلوني الهُدَى أَهدِكم،... ذلك بأني جَوَادٌ، واجِدٌ، ماجِدٌ، أفعَلُ ما أُريدُ...).[٣]
معنى اسم الله الجواد
الجواد -سبحانه- هو الذي عمّ بفيض رحمته الوجود بنعمه المتتابعة، وذهب بعض المحقّقين إلى معنى دقيق لاسم الجواد؛ فأشاروا إلى أنّه الذي يُعطي دون سابق طلبٍ أو سؤال، وجود الله ملأ الآفاق وعمّ جميع المخلوقات.[٤]
أشار السّعدي في تفسيره إلى معنى ودلالات اسم الله الجواد، وذكر أنّ أسماء: الرحمن، الرحيم، البر، الكريم، الجواد، الرؤوف، الوهاب تتقارب كلّها في معانيها، وتدل جميعها على اتصاف الله -عزّ وجلّ- بالرّحمة، والجود والكرم، والبرّ، وتشير إلى سعة رحمته -سبحانه- التي عمّتْ الوجود، حسب ما تقتضيه حكمته، وأنّه -تعالى- خصّ المؤمنين بالنصيب الأوفر منها، مصداقاً لقوله -سبحانه-: (... وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ).[٥][٦]
وعرّفه ابن القيّم في "الكافية الشافية" بقوله:[٧]
وَهُوَ الجَوَادُ فجُودُهُ عَمَّ الوُجُودَ جَمِيعَهُ بالفَضْلِ والإحْسَانِ
وَهُوَ الجَوَادُ فَلَا يُخَيِّبُ سَائِلًا وَلوَ أنَّه مِنْ أمَّةِ الكُفْرَانِ
من مظاهر جود الله تعالى
مظاهر جود الله -تعالى- على خلقه وعباده لا يحدّها حدّ، ولا يُجمِلها وصف، ولعلّ من أبرزها ما يأتي:[٨]
- سخّر -سبحانه- الليل والنّهار، والشمس والقمر، وأكرم خلقه بنزول الغيث، وإنبات النبات، وهيّأ لهم كلّ أسباب عمارة الأرض.
- رزق المخلوقات، وتنعّم بجوده على الإنسان؛ مؤمنهم وفاجرهم.
- أرسل إلى النّاس الرّسل والأنبياء -عليهم السّلام- ليرشدوهم إليه ويدلّونهم على عظمته.
- يُثيب على العمل اليسير بالأجر الكبير؛ فيضاعف لعباده في حسناتهم.
- يغفر ويعفو ويصفح عن المسيء، ويبدّل سيئات التائبين حسنات وأجوراً.
- يجيب دعوات المضطرين، ويكشف الكرب عن المكروبين.
- يجود على عباده الصالحين بالنّعيم المقيم يوم لقائه؛ فيدخلهم الجنة، خالدين فيها أبداً برحمته وجوده وكرمه.
والمسلم حريّ به أنْ يكون له نصيب من اسم الله الجواد؛ فيظهر في حياته معاني العطاء، كأنْ يتفقّد حاجات المحتاجين؛ فيجبر خواطرهم ويجود ممّا جاد الله -سبحانه- عليه، وقد كان خُلُق الجود حاضراً بقوّة في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وشواهد ذلك أكثر من أن تُحصى.
أخرج البخاري عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أجْوَدَ النَّاسِ، وأَجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ -عليه السَّلَامُ- يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ، فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ).[٩]
المراجع
- ↑ "الجُودُ"، الموسوعة العقدية الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 20/2/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم:1800، صحيح.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:2495 ، حسن.
- ↑ إشراف الشيخ حسين عامر (8/1/2021)، "شرح أسماء الله الحسنى الجواد"، الراشدون، اطّلع عليه بتاريخ 20/2/2023. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية:156
- ↑ عبد الرحمن السعدي، تفسير السعدي تيسير الكريم الرحمن، صفحة 946. بتصرّف.
- ↑ ابن القيم الجوزية، نونية ابن القيم الكافية الشافية، الرياض:دار عطاءات العلم، صفحة 720، جزء 3.
- ↑ عبد الله البرح (12/10/2022)، "اسم الله الجواد"، ملتقى الخطباء، اطّلع عليه بتاريخ 20/2/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3554، صحيح.