ذكر الله عند المعصية

ذكر الله عند المعصية للاستعانة به عليها

يحرّم ذكر الله عند المعصية للاستعانة به على فعلها وارتكابها، فقد صرّح عددٌ من العلماء على حُرمة التسمية بالله عند ارتكاب فعلٍ محرمٍ؛ لأنّ في ذلك تضاد وتخالفٌ، فكيف أنّ مَن أراد المعصية التي تُغضب الله استعان عليها بالتسمية باسمه، ويجب على من فعل ذلك واستعان باسم الله على فعلٍ محرمٍ أن يتوب إلى الله ويندم حقيقةً على ذلك وألّا يعاود ارتكابه، قال الإمام الطحاوي -رحمه الله- في مراق الفلاح شرح نور الإيضاح: (الإتيان بالبسملة عملٌ يصدر من المكلف فلا بدّ أن يتّصف بحكمٍ فتارةً يكون فرضاً كما عند الذبح، وتارةً يكون الإتيان بها حراماً كما عند الزنا ووطء الحائض، وأكل مغصوبٍ أو مسروقٍ قبل الاستحلال، أو أداء الضمان).[١]


ذكر الله عند المعصية بسبب الخشية منه

لا يترتب أي حرجٍ أو إثمٍ أو بأسٍ على مَن ذكر الله أثناء ارتكاب المعصية خوفاً وخشيةً من الله -تعالى-، وكان قلبه متردداً بين ارتكاب المعصية وعدم ارتكابها بسبب تدافع الإيمان ودافع المعصية في القلب، فيكون ذكر الله حينها كرهاً وبُغضاً للمعاصي والمحرّمات، وتعظيماً لله -سبحانه-، ومَن كان حاله كذلك يعتبر مُذنباً بسبب ارتكاب المعصية ومُطيعاً لله بذكره، ويصدق عليه قول الله -تعالى-: (وَآخَرونَ اعتَرَفوا بِذُنوبِهِم خَلَطوا عَمَلًا صالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّـهُ أَن يَتوبَ عَلَيهِم إِنَّ اللَّـهَ غَفورٌ رَحيمٌ)،[٢] قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: (إن كان في حال المعصية يذكر الله بخوفٍ ووجلٍ ممّا هو فيه فإنّه يُرجى له).[٣]


ذكر الله عند المعصية دون قصدٍ

لا يترتّب أي إثمٍ أو حرجٍ أو بأس بسبب ذكر عند المعصية دون قصدٍ؛ كحال من يجري على لسانه الذكر أو الاستغفار دون قصد حقيقتهما، كالحلف بالله دون قصد الحلف بذاته وإنّما بسبب جريانه على اللسان، ومن الأمثلة على ذلك: قول إن شاء الله، أو ردّ السلام، بشرط ألّا يتضمّن ذلك الذكر استخفافٌ بالله -عزّ وجلّ-، أو ما يُشابهه.[٣]


ذكر الله عند المعصية امتهاناً بالله واستهزاءاً به

يحرّم ذكر الله عند المعصية استهزاءاً بالله -عزّ وجلّ- أو انتقاصاً أو امتهاناً له، ويعدّ ذلك الفعل من النفاق الأكبر، قال -تعالى- واصفاً حال المنافقين: (يَحذَرُ المُنافِقونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيهِم سورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِما في قُلوبِهِم قُلِ استَهزِئوا إِنَّ اللَّـهَ مُخرِجٌ ما تَحذَرونَ*وَلَئِن سَأَلتَهُم لَيَقولُنَّ إِنَّما كُنّا نَخوضُ وَنَلعَبُ قُل أَبِاللَّـهِ وَآياتِهِ وَرَسولِهِ كُنتُم تَستَهزِئونَ*لا تَعتَذِروا قَد كَفَرتُم بَعدَ إيمانِكُم إِن نَعفُ عَن طائِفَةٍ مِنكُم نُعَذِّب طائِفَةً بِأَنَّهُم كانوا مُجرِمينَ).[٤][٣][٥]


ذكر الله في مكان فيه معصية

يجوز ذكر الله وتسبيحه واستغفاره سراً في مكانٍ تُرتكب فيه المعاصي، بل إنّ ذلك له فضلاً عظيماً، قال الإمام السيوطي -رحمه الله-: (شبه الذاكر الذي يذكر الله بين جماعةٍ ولم يذكروا بمجاهدٍ يقاتل بعد فرار أصحابه منهم، فالذاكر قاهر لجند الشيطان وهازم له والغافل مقهورٌ).[٦]

المراجع

  1. "تفصيل في حكم ذكر الله أثناء المعصية"، إسلام ويب، 5/1/2012، اطّلع عليه بتاريخ 25/10/2021. بتصرّف.
  2. سورة التوبة، آية:102
  3. ^ أ ب ت محمد صالح المنجد (16/11/2019)، "حكم ذكر الله أثناء المعصية"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 25/10/2021. بتصرّف.
  4. سورة التوبة، آية:64-66
  5. "الذكر والتسبيح أثناء مشاهدة التلفاز "، إسلام اون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 25/10/2021. بتصرّف.
  6. "التسبيح والاستغفار في حافلة تذاع فيها الأغاني"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 25/10/2021. بتصرّف.