المهيمن
هو اسم من أسماء الله الحسنى، ورد ذكره في القرآن الكريم مرة واحدة، في قول الله -تعالى-: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ..).[١]
معنى اسم الله المهيمن
المهيمن اسم فاعل للموصوف بالهيمنة، فعله هيمن يهيمن هيمنة، وهي السيطرة على الشيء وحفظه والتمكن منه، ويقال إن المهيمن أصله المؤمن والأمين؛ من آمن، وهو من أمّن غيره من الخوف،[٢] ويقال إن المهيمن هو الشاهد والشهيد؛ يقال فلان مهيمنيّ على فلان؛ أي شاهدي،[٣] ويقال أن أصل الهيمنة من الحفظ والارتقاب، يقال هيمن فلان على فلان؛ أي صار رقيباً عليه فهو مهيمن.[٤]
وتدور هذه المعاني بتنوعّها عندما وصف الله -تعالى- القرآن الكريم بالهيمنة، فقال جلّ وعلا-: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ)،[٥] حيث ذكر أهل التفسير أن القرآن الكريم مهيمنٌ على ما سواه من الكتب المنزلة، شاهد على ما قبله من الكتب، أمين ومؤتمن على كل كتاب قبله، عالٍ على سائرها، بأنه فوقها، ومصدقٌ ورقيبٌ عليها.[٦]
شرح اسم الله المهيمن
اسم الله المهيمن هو اسم جامع يدل على أوصاف الكمال والفضل، فهو من صفات الذات والفعل معاً، فهو يدل باللزوم على الحياة، والقيومية، والصمدية، والكبرياء والعظمة، وكل ما يلزم معنى الهيمنة المطلقة، ويُنقض أوصاف ومعاني النقص، فهو اسم يدور حول أربعة معاني جليلة؛ الشهادة، والحفظ، والرقابة، والقيام على الشؤون والأمور،[٦] فيكون اسم المهيمن في حق الله -تعالى- له أربعة معاني، وبيانها كما يلي:[٧][٨]
القائم على خلقه بالرعاية والحفظ
أي أن الله -تعالى- قائم على خلقه في كل أمورهم وشؤونهم، وأعمالهم وأرزاقهم، ومصالحهم وآجالهم، ومعاشهم ومعادهم، وقيامه عليهم باطلاعه واستيلائه، وحفظه ورعايته، له القدرة التامة على الخلق، فيضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها؛ ليتحقق الحفظ والرعاية، والعطاء والمنع، قال -تعالى-: (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ..)،[٩] فالله هو العالم بجميع المعلومات، يعلم جميع أحوالهم، مهيمن بقدرته على جميع الخلق؛ لا يعجزه شيء، ولا يفتقر إلى شيء، له الفضل على جميع الخلائق في كل الأمور.
الرقيب على أعمال الخلق الشاهد عليها
أي أن الله -تعالى- شاهدٌ على خلقه بأعمالهم، رقيبٌ على كل شيء، مطلعٌ على خفايا الأمور، وخبايا الصدور، وشاهد على خلقه بما يصدر منهم من قول أو فعل، لا يغيب عنه من أفعالهم شيء، قال -تعالى-: (ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ)،[١٠] يُبصرهم ويعلم سرّهم وعلانيتهم، أحاط بكل شيء علماً، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، قال -تعالى-: (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا)،[١١] وبذلك تتحقّق هيمنته على خلقه.[١٢]
الأمين المؤتمن على حق عباده
أي أن الله -تعالى- لا يضيع عنده أجر أحد، ولا تضيع عنده حقوق عباده، فيعرف حال العبد، وما يفعله في كل حال، فلا ينقص الطائع من ثوابه شيئاً ولو كثر، ولا يزيد العاصي عقاباً على ما يستحقه، بل يتفضل بزيادة الثواب، ويعفو عن كثير من العقاب، وبهذا قال الحليمي: "لا ينقص المطيعين يوم الحساب من طاعتهم شيئًا، ولا يزيد العصاة على ما اجترحوه من السيئات شيئًا"، وهو -سبحانه- مهيمنٌ يُنزل الطمأنينة والسكينة في قلوب عباده المؤمنين؛ ويبعدُ عنهم القلق والخوف.
المؤمن المصدّق
أي أن الله -تعالى- مصدقٌ لأنبيائه بإخباره -سبحانه وتعالى- عن كونهم صادقين، فيصدّقهم بكلامه، أو أن يكون معنى تصديقه لهم هو أن يظهر المعجزات على أيديه، وما أنزله من الآيات البينات التي دلت على صدقهم.
المراجع
- ↑ سورة الحشر، آية:23
- ↑ محمود عبد الرزاق الرضواني، أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة، صفحة 518. بتصرّف.
- ↑ الزجاج، تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج، صفحة 32. بتصرّف.
- ↑ "من أسماء الله الحسنى: المهيمن"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 5/7/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:48
- ^ أ ب "المهيمن"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 5/7/2022. بتصرّف.
- ↑ نوال العيد، موسوعة شرح أسماء الله الحسنى، صفحة 191-192. بتصرّف.
- ↑ "شرح وأسرار الأسماء الحسنى - (28) اسم الله تعالى المهيمن "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 5/7/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة الرعد، آية:33
- ↑ سورة يونس، آية:46
- ↑ سورة الأحزاب، آية:52
- ↑ محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة فقه القلوب، صفحة 151. بتصرّف.