إنّ الذكر من أجلّ العبادات التي حثّ عليها الشرع، ومن ذلك قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)،[١] وللذكر ثمراتٌ عظيمةٌ تعود على الذاكرين منها راحة النفس وطمأنينة القلب؛ كما جاء في قوله تعالى: (الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّـهِ أَلا بِذِكرِ اللَّـهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ)، ومن الأذكار ما كان عامًّا مطلقًا كالتهليل والتكبير والتسبيح، ومنها ما يكون خاصًّا في أحوالٍ وأوقاتٍ معيّنةٍ كأذكار الاستيقاظ من النوم، وأذكار الصباح والمساء، وآتيًا حديثٌ عن أذكار الصباح والمساء؛ شروطها وذكر بعضٍ منها.


شروط أذكار الصباح والمساء

إنّ لأذكار الصباح والمساء أهمّيةً خاصّةً لكلّ مسلمٍ؛ لأنّها تُبقيه في نهاره وليله على صلةٍ بالله تعالى ومستشعرًا لمعيّته، ولما لها من أجرٍ عظيمٍ وثوابٍ جزيلٍ، وممّا جاء في أذكار الصباح والمساء قوله تعالى: (وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُروبِها وَمِن آناءِ اللَّيلِ فَسَبِّح وَأَطرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرضى)،[٢] وقوله تعالى: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ)،[٣][٤][٥] وأمّا عن شروط أذكار الصباح والمساء، فيمكن إجمالها في النقاط الآتية:

  • الوقت: الصحيح أنّ لأذكار الصباح والمساء وقتًا محدّدًا، إلا أنّ العلماء اختلفوا في تحديده، فمنهم من قال إنّ وقت أذكار الصباح يبدأ من طلوع الفجر وينتهي بطلوع الشمس، ومنهم من قال ينتهي بانتهاء وقت الضحى، وأمّا أذكار المساء فيبدأ وقتها من العصر وينتهي بغروب الشمس، ومنهم من قال إنّه ينتهي في ثلث الليل، وذهب بعض العلماء إلى أنّ بداية وقت أذكار المساء يكون بعد غروب الشمس، وإذا فات الوقت ولم يقل المسلم الأذكار؛ فلا بأس أن يقولها لاحقًا.[٦]
  • لا يشترط الترتيب: إن قول أذكار الصباح والمساء وفق ترتيبٍ معيّنٍ ليس شرطًا؛ لعدم ورود نصٍّ عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- يفيد وجوب الترتيب، كما أنّه لا حرج في قطع قراءة الأذكار ببعض الأعمال.
  • لا تشترط الطهارة واستقبال القبلة: ليس شرطًا أن يكون المسلم على طهارةٍ أو أن يستقبل القبلة عند قراءة أذكار الصباح والمساء؛ ودليل ذلك ما روي عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه كان: "يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ"،[٧] إلا أنّ الأفضل والأكمل أن تُقال على طهارةٍ وأن يتوجّه قائلها إلى القبلة.[٨]


من أذكار الصباح والمساء

وردت أحاديث صحيحةٌ عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- ناصّةً على عددٍ من أذكار الصباح والمساء، منها:[٩]

  • سيد الاستغفار: "اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْت، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ".[١٠]
  • "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، مِائَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ، أَوْ زَادَ عَلَيْهِ".[١١]
  • "أَعُوذُ بكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِن شَرِّ ما خَلَقَ".[١٢]
  • "اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ".[١٣]
  • "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي".[١٤]


المراجع

  1. سورة الأحزاب، آية:41-42
  2. سورة طه، آية:130
  3. سورة غافر، آية:55
  4. محمد حسين يعقوب، الأنس بذكر الله، صفحة 126-127. بتصرّف.
  5. "فضل المحافظة على أذكار الصباح والمساء والنوم"، إسلام ويب، 11/02/2010، اطّلع عليه بتاريخ 16/09/2021. بتصرّف.
  6. "هل لأذكار الصباح والمساء وقت محدد؟"، الإسلام سؤال وجواب، 09/05/2002، اطّلع عليه بتاريخ 16/09/2021. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:373، صحيح.
  8. "حكم قراءة أذكار الصباح والمساء دون ترتيب والأكل أثناء قراءتها"، إسلام ويب، 16/04/2014، اطّلع عليه بتاريخ 16/09/2021. بتصرّف.
  9. "أذكار الصباح والمساء"، الإسلام سؤال وجواب، 15/06/2014، اطّلع عليه بتاريخ 16/09/2021.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:6323، صحيح.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2692، صحيح.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2709، صحيح.
  13. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:7813، صحيح.
  14. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:659، صحيح.