اسم الله اللطيف
اللطيف من اللطف، ويأتي اللطف في اللغة بمعنى الرفق واللين والخفاء؛ فلطيف الكلام ما غمض معناه وخفي، والتّلطف في الكلام الرقّة فيه بلا جفاء،[١] واللطيف اسمٌ من أسماء الله تعالى الحسنى، ويقصد به أنّه -سبحانه وتعالى- دقّ علمه في عباده ومخلوقاته؛ بحيث يعلم الخفايا والخبايا وغوامض الأمور، ومكنونات الصدور، فيسوق لعباده ومخلوقاته وفق علمه وحكمته من الأقدار ما يصلح حالهم ومآلهم، فعلى ذلك يكون معنى اللطيف مقتضينًا ومتضمّنًا لأمرين، هما:[٢][٣][٤]
- دقّة علمه -سبحانه وتعالى التي أحاطت بكلّ شيءٍ، وحتّى بخبايا الأمور وما تخفيه الصدور.
- رفقه -سبحانه وتعالى- في عباده وأوليائه؛ بتيسيرهم لليسرى وتجنيبهم للعسرى، وتوفيقهم لكلّ خيرٍ يؤدي إلى مرضاته، وحفظهم من كلّ ما يوصل إلى سخطه، وإن كتب عليهم وقدّر لهم ما يكرهون؛ فليبلّغهم ما يحبّون وما فيه صلاح حالهم.
ذكر الله باسمه اللطيف
إنّ ذكر الله تعالى من العبادات الجليلية عظيمة الأجر، وقد حثّ الله تعالى عباده على مداومة ذكره، وأمّا عن ذكر الله تعالى باسمه اللطيف أو أي اسمٍ آخر من أسمائه الحسنى؛ فإنّ إفرادها بالقول دون عبارةٍ أو سياقٍ مفيدٍ كقول: الله الله، حيّ حي، اللطيف اللطيف ونحوها؛ هو من الأمور التي لم يرد فيها نصٌّ يدلّ على مشروعيّتها أو أنّ النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- قد فعلها، أمّا تسبيح الله تعالى باسمٍ من أسمائه؛ فهذا لا حرج فيه، وهو مشروعٌ بدليل قول الله تعالى: (وَلِلَّـهِ الأَسماءُ الحُسنى فَادعوهُ بِها وَذَرُوا الَّذينَ يُلحِدونَ في أَسمائِهِ سَيُجزَونَ ما كانوا يَعمَلونَ)،[٥] كما ورد في السنّة عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- تسبيحه لله بأسمائه الحسنى، ومن ذلك ما رواه أُبي بن كعب عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه: "كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا سلَّمَ في الوترِ قالَ سبحانَ الملِكِ القدُّوسِ"،[٦] وما روي عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- كان يقول في ركوعه: "سبحانَ ذي الجبَروتِ والملَكوتِ والكِبرياءِ والعظَمةِ"،[٧] وذكر المصلّين في ركوعهم وسجودهم لله تعالى بأسمائه الحسنى؛ ففي الركوع يقال: سبحان ربيّ العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى؛ فعلى ذلك النحو يكون تسبيح الله تعالى أو دعاؤه باسمه اللطيف أو أيّ اسمٍ من أسمائه الحسنى مقبولًا.[٨][٩]
اسم الله اللطيف في القرآن الكريم
ورد ذكر اسم الله تعالى اللطيف في مواطن من القرآن الكريم، وبيانها آتيًا:
- قول الله تعالى دلالةً على دقّة علمه واطلاعه: (لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وَهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ وَهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ).[١٠]
- قول الله تعالى: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)؛[١١] إشارةً إلى علمه الدقيق بمخلوقاته سبحانه وتعالى.
- قول الله تعالى على لسان يوسف -عليه السّلام- عند استذكاره لتمكين الله تعالى له بعد محنته: (إِنَّ رَبّي لَطيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ العَليمُ الحَكيمُ).[١٢]
- قول الله تعالى في سورة الحج: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّـهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ).[١٣]
- قول الله تعالى على لسان لقمان وهو يعظ ابنه ويذكّره بدقّة علمه ومعرفته لما يخفى: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ).[١٤]
- قول الله تعالى مخاطبًا أمّهات المؤمنين: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا).[١٥]
- قول الله تعالى دلالةً على رأفته بعباده وعنايته بهم: (اللَّـهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ).[١٦]
المراجع
- ↑ "تعريف وشرح ومعنى لطيف"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 09/09/2021. بتصرّف.
- ↑ سعيد بن وهب القحطاني، شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 117-118. بتصرّف.
- ↑ الموسوعة العقدية، "اللطيف"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 09/09/2021. بتصرّف.
- ↑ شريف فوزي سلطان (16/07/2017)، "اللطيف جل جلاله"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 09/09/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية:180
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم:1430، صحيح.
- ↑ رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم:1035، حديث حسن.
- ↑ "الذكر الصحيح لأسماء الله الحسنى"، إسلام ويب، 25/12/2002، اطّلع عليه بتاريخ 09/09/2021. بتصرّف.
- ↑ "مشروعية تسبيح الله تعالى بأي اسم من أسمائه الحسنى"، إسلام ويب، 17/02/2011، اطّلع عليه بتاريخ 09/09/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية:103
- ↑ سورة الملك، آية:14
- ↑ سورة يوسف، آية:100
- ↑ سورة الحج، آية:63
- ↑ سورة لقمان، آية:16
- ↑ سورة الأحزاب، آية:34
- ↑ سورة الشورى، آية:19