يُعدّ قول "لا إله إلّا الله" كلمة الحقّ التي لا تعلوها كلمة؛ قال -تعالى-: "إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ"،[١] وقد قال القرطبيّ: "الْمَعْنَى وَلَا يَمْلِكُ هَؤُلَاءِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَآمَنَ عَلَى عِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ، قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ: وَشَهَادَةُ الْحَقِّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، كما أنّها كلمة التقوى لِمن آمن بها، وعمل بمقتضاها والتي ذكرها الله -عزّ وجلّ- في مُحكم كتابه العزيز بقوله: "وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا"،[٢] وفي المقال الآتي بيان لأهمّ فضائلها.[٣]
معنى لا إله إلا الله
تُعدّ شهادة التوحيد؛ وهي قول: "لا إله إلا الله" كلمةَ الإخلاص، وهي أحبَّ الكلام إلى الله، وأجلّه، وأعظمه، لا بل وأوّل ما دعا إليه الرُّسُل -عليهم الصلاة والسلام-؛ إذ قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "يا أيُّها النَّاسُ قولوا: لا إلهَ إلَّا اللهُ تُفلِحوا"،[٤] وفيها نفي لجميع المعبودات من غير الله -تعالى-، وإثبات العبادة بالحقّ لله -تعالى- وحده لا شريك له؛ قال -تعالى-: "ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ"؛[٥] فإن أخلص المسلم العبادة لله -عزّ وجلّ- وأيقن بها تمام اليقين وكان مُحبّاً له وصادقاً فيها غير كاذبٍ ولا منافق، وعَبدَه وحده -سبحانه- دون سِواه، واستقام على دِينه، فقد أدّى تمام معناها.[٦]
فضل لا إله إلا الله
يُعدّ قول "لا إله إلّا الله" شعار المؤمنين، وتتعلّق به العديد من الفضائل، ومنها أنّها:[٣][٧]
- العُروة الوُثقى التي ارتضاها الله -تعالى- لعباده، وجعلها سبيلهم للفوز في الدنيا والآخرة؛ فقد قال: "فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ".[٨]
- العهد بين الله -تعالى-، وعباده المؤمنين؛ فقد قال: "لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا".[٩]
- السبب في وجود المخلوقات جميعها، وقيام السماوات والأرض، ونَصب الموازين؛ فإمّا ثواب، وإمّا عقاب؛ قال -تعالى-: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ".[١٠]
- عصمةٌ وحفظٌ لدم المسلم وماله؛ فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "مَن قالَ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَكَفَرَ بما يُعْبَدُ مَن دُونِ اللهِ، حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ علَى اللَّهِ".[١١]
- أثقل شيء في ميزان الحساب؛ فقد قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: "قال موسى : يا ربِّ علِّمْني شيئًا أذكُرُك به وأدعوك به قال : قُلْ يا موسى : لا إلهَ إلَّا اللهُ قال : يا ربِّ : كلُّ عبادِك يقولُ هذا قال : قُلْ : لا إلهَ إلَّا اللهُ قال : إنَّما أُريدُ شيئًا تخُصُّني به قال : يا موسى لو أنَّ أهلَ السَّمواتِ السَّبعِ والأرَضينَ السَّبعِ في كِفَّةٍ ولا إلهَ إلَّا اللهُ في كِفَّةٍ مالَتْ بهم لا إلهَ إلَّا اللهُ".[١٢]
- القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة؛ قال -تعالى-: "يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ".[١٣]
- سبيل الاستقامة والنجاة؛ فلا سبيل إلى ذلك إلّا بها؛ قال -تعالى-: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ".[١٤]
- أفضل الذِّكر وأعظمه؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: "خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ".[١٥]
- الكلمة الطيبة التي ضربها الله مثلاً للناس في كتابه العزيز؛ إذ قال: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ"؛[١٦] وقد قال القرطبيّ: "قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ الْمُؤْمِنُ".
- مفتاح الجنّة، والأمان من العذاب؛ فقد ورد عن أبي ذرّ -رضي الله عنه- أنّه قال: "أَتَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعليه ثَوْبٌ أبْيَضُ، وهو نَائِمٌ، ثُمَّ أتَيْتُهُ وقَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقالَ: ما مِن عَبْدٍ قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ثُمَّ مَاتَ علَى ذلكَ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ قُلتُ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ؟ قالَ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ قُلتُ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ؟ قالَ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ قُلتُ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ؟ قالَ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ علَى رَغْمِ أنْفِ أبِي ذَرٍّ".[١٧]
- القول الصواب السديد الذي أمر الله -تعالى- المؤمنين به؛ إذ قال: "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا"،[١٨] وقد قال ابن عبّاس وعكرمة: "القول السداد لا إله إلّا الله".
- مُوجِبة لشفاعة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتِكَ يَومَ القِيَامَةِ؟ فَقَالَ: لقَدْ ظَنَنْتُ، يا أبَا هُرَيْرَةَ، أنْ لا يَسْأَلَنِي عن هذا الحَديثِ أحَدٌ أوَّلُ مِنْكَ، لِما رَأَيْتُ مِن حِرْصِكَ علَى الحَديثِ، أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتي يَومَ القِيَامَةِ مَن قَالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِن قِبَلِ نَفْسِهِ".[١٩]
- أعلى شُعَب الإيمان وأفضلها؛ فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ".[٢٠]
- أفضل الأعمال؛ فقد ورد عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "مَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، كانَتْ له عَدْلَ عَشْرِ رِقابٍ، وكُتِبَتْ له مِئَةُ حَسَنَةٍ، ومُحِيَتْ عنْه مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وكانَتْ له حِرْزًا مِنَ الشَّيْطانِ يَومَهُ ذلكَ حتَّى يُمْسِيَ، ولَمْ يَأْتِ أحَدٌ بأَفْضَلَ ممَّا جاءَ به، إلَّا أحَدٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِن ذلكَ".[٢١]
- سبب لمغفرة الذنوب والخطايا؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: "ما علَى الأرضِ أحدٌ يقولُ : لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ واللَّهُ أَكْبرُ ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ ، إلَّا كُفِّرَت عنهُ خطاياهُ ولو كانت مثلَ زبدِ البحرِ".[٢٢]
- سبب لتفريج الهموم والكربات؛ قال -تعالى-: "فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ".[٢٣]
المراجع
- ↑ سورة الزخرف ، آية:86
- ↑ سورة الفتح، آية:26
- ^ أ ب يوسف المطردي (25/10/2017)، "فضل لا إله إلا الله"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 12/1/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن طارق بن عبدالله المحاربي، الصفحة أو الرقم:6562، صحيح.
- ↑ سورة الحج، آية:62
- ↑ "معنى لا إله إلا الله وشروطها"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 12/1/2021. بتصرّف.
- ↑ "لا إله إلا الله فضلها وآثارها"، طريق الإسلام، 8/5/2014، اطّلع عليه بتاريخ 12/1/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:256
- ↑ سورة مريم، آية:87
- ↑ سورة الذاريات، آية:56
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن طارق بن أشيم الأشجعي، الصفحة أو الرقم:23، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:6218، أخرجه في صحيحه.
- ↑ سورة إبراهيم، آية:27
- ↑ سورة النساء، آية:48
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم:3585، حسن.
- ↑ سورة إبراهيم، آية:24
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:5827، صحيح.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:70
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6570، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:35، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3293، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:3460، حسن.
- ↑ سورة الأنبياء، آية:87