إنّ ذكر الله تعالى من أعظم الأعمال وأحبّها إلى الله تعالى، وقد حثّ الله تعالى عباده على المداومة على الذكر، ومنى ذلك ما جاء في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)،[١] وللذكر فضلٌ عظيمٌ؛ فهو سبب لتحصيل الأجر العظيم كما في قوله تعالى: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)،[٢] كما أنّ الذكر سبيلٌ لراحة القلب وطمأنينته كما جاء في قول الله تعالى: (الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّـهِ أَلا بِذِكرِ اللَّـهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ)،[٣][٤] وصيغ ذكر الله كثيرةٌ متنوّعةٌ، منها ما يكون عامًّا، ومنها ما يكون لغرضٍ أو حالٍ معيّن، وتاليًا حديثٌ عن ذكر الله تعالى بقول: لا إله إلّا الله العظيم الحليم.


ذكر لا إله إلا الله العظيم الحليم

روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه: "كانَ يقولُ عِنْدَ الكَرْبِ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ ورَبُّ الأرْضِ، ورَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ"؛[٥] فيتبيّن من ذلك أنّ ذكر لا إله إلا الله العظيم الحليم ذكرٌ يقال عند الهمّ والحزن، ومفاد هذا الذكر ومعناه:

أنّ النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- إذا أصابه همٌّ أو اغتمّت نفسه يقول لا إله إلا الله؛ أي لا معبود بحقٍّ ولا مستحقّ للعبادة سواه، وهو -سبحانه وتعالى- عظيمٌ في قدره وجليل الشأن في ذاته وصفاته وأفعاله، وحليمٌ؛ أي لا يعاجل بالعقوبة للمذنبين، بل يمهلهم ويعفو عنهم إذا استغفروا وتابوا، وهو سبحانه ربّ السماوات والأرض؛ أي خالق كلّ شيءٍ فيهما والمتصرّف فيهم والمدبّر لأمورهم وفق ما يُصلحهم، وهو -سبحانه وتعالى- ربّ العرش، والعرش سرير الملك الذي يكون الله تعالى متعالٍ فوقه، وتحلمه الملائكة، ووصف العرش في هذا الذكر مرّةً بالعظمة من حيث الكمّ، ومرّةً بالكرم من حيث الكيفيّة؛ أي حسن هيئته، وهذا الذكر يقوله المسلم إذا أصابه الهمّ في أمرٍ من أمور الدنيا أو الدين.[٦][٧]


الفوائد المستفادة من ذكر لا إله إلا الله العظيم الحليم

يحمل هذا الذكر في طيّات معانيه فوائد عظيمة، وآتيًا عددٌ من هذه الفوائد:[٧]

  • استحباب توجّه المسلم إلى الله تعالى بالدعاء إذا اعتراه همٌّ أو حزن بهذا الذكر، وبسواه من الدعاء.
  • مشروعية أن يدعو المسلم الله تعالى بأسمائه الحسنى.
  • استحباب أن يبدأ المسلم دعاءه لله تعالى بالثناء عليه، وكذلك كان يفعل النبيّ عليه الصلاة والسّلام، ويكون بذلك أقرب وأدعى لإجابة الدعاء.
  • تذكير المسلم بأنّ الابتلاء أمرٌ لا بُدّ منه في الدنيا.
  • تقرير الإيمان بعرش الله -سبحانه وتعالى- وأنّ عرشه عظيمٌ كريمٌ.
  • بيان حرص النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- على تعليم الصحابة -رضي الله عنهم- كيفيّة الالتجاء إلى الله تعالى وذكره حال وقوعهم في كربٍ أو إن نزل بهم همٌّ.


المراجع

  1. سورة الأحزاب، آية:41-42
  2. سورة الأحزاب، آية:35
  3. سورة الرعد، آية:28
  4. عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر (25/09/2010)، "فضل ذكر الله تعالى"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16/09/2021. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:6346، صحيح.
  6. الموسوعة الحديثية، "شرح حديث لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 16/09/2021. بتصرّف.
  7. ^ أ ب خالد بن محمود الجهني (05/03/2020)، "لا إله إلا الله العظيم الحليم (دعاء الكرب)"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16/09/2021. بتصرّف.