فضل الاستغفار بالأسحار

إنّ للاستغفار على وجه العموم والاستغفار في الأسحار على وجه الخصوص فضائل عديدة وعظيمة، ونذكر أبرز فضائل الاستغفار في الأسحار في النقاط الآتية:

  • ثناء الله -تعالى- على المستغفرين بالأسحار

يقول الله -تعالى- مادحاً المستغفرين بالأسحار: (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ)،[١] وثناء الله -سبحانه- على المستغفرين بالأسحار من أعظم فضائل هذه العبادة.[٢]


  • مضاعفة الأجر والثواب

وجه مضاعفة الأجر والثواب في الاستغفار وقت الأسحار يكمنُ في كونه وقتاً ينام فيه الناس، ويغفلون فيه عن التعرّض للنفحات الرحمانية، لِذا فإنّ العبادة في وقت غفلة النّاس عنها سببٌ لمضاعفة الأجر والثواب، وممّا يؤكّد هذا المعنى أنّ أجر الطاعات في شهر شعبان عظيم، لكثرة ما يغفل النّاس عن العبادة فيه كما علّل ذلك النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.[٣]


وكذلك التسبيح وذكر الله في الأسواق، فثوابه مضاعف لأنّه مكانٌ للانشغال بالدنيا والغفلة عن ذكر الله، كما أنّ وقت السحر أدعى للإخلاص وصفاء الذّهن، وربما كانت العبادة فيه أشقّ؛ لأنّه وقتٌ يعتاد فيه النّاس على النوم، وهذا كلّه مدعاة لزيادة الأجر والثواب بإذن الله.[٣]


وقد قال الرازي -رحمه الله-: "واعلم أن الاستغفار في السحر له مزيد أثر في قوة الإيمان، وفي تمام العبودية، من وجوه..."، وذكر منها: "أن وقت السحر أطيب أوقات النوم، فإذا أعرض العبد عن تلك اللذة وأقبل على العبودية كانت الطاعة أكمل".[٤]


تفسير قول الله: (والمستغفرين بالأسحار)

أصل الاستغفار هو طلب المغفرة من الله -تعالى-، وقد تعدّدت آراء المفسّرين في المقصود من المستغفرين بالأسحار، ونذكر أقوالهم فيما يأتي:[٥]

  • قيل: هم الذين يُصلّون بالأسحار.
  • قيل: هم المصلّون أول الليل والمستغفرون آخره.
  • قيل: هو الاستغفار بعينه، ويدلّ على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَتَنَزَّلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له).[٦][٧]
  • قيل: هم الذين يشهدون صلاة الفجر.[٨]


والأسحار هو الوقت الممتدّ بين إدبار الليل إلى طلوع الفجر، وقيل: هو ظلمة الليل في آخره المختلطة بضوء النهار، وقيل أيضاً: هو وقت الليل بين الثلث الأخير منه إلى طلوع الفجر، أو آخر الليل إلى الإسفار، والحكمة من تخصيصه أنّه من أوقات الإجابة، ولأنّه وقت غفلة النّاس -كما أسلفنا-.[٩]


فضائل الاستغفار العامّة

إنّ للاستغفار عموماً فضائل عظيمة أكثر من أن تُحصر في مقال، ويشمل هذا الفضل مَن يستغفر بالأسحار، وسيتمّ فيما يأتي ذكر أبرز هذه الفضائل:[١٠]

  • امتثال لأمر الله -تعالى- القائل في كتابه: (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).[١١]
  • اقتداءٌ بالنبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كان ملازماً للاستغفار في حياته؛ ليله ونهاره.
  • سببٌ لمغفرة الذنوب والمعاصي، فقد قال الله -سبحانه-: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).[١٢]
  • سببٌ لزيادة الرزق، والإمداد بالبنين، ونزول المطر، والقوة، وهذه الفضائل مجتمعة في قول الله -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا).[١٣]
  • سببٌ لتنزّل الرحمة، لقوله -تعالى-: (لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).[١٤]
  • سببٌ لدفع البلاء، لقول الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).[١٥]

المراجع

  1. سورة آل عمران، آية:17
  2. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 938. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد إسماعيل المقدم، تفسير القرآن الكريم، صفحة 14، جزء 22. بتصرّف.
  4. الفخر الرازي (1420)، تفسير الرازي (الطبعة 3)، صفحة 167، جزء 7.
  5. أبو منصور الماتريدي (2005)، تفسير الماتريدي (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 329، جزء 2. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6321، صحيح.
  7. مكي بن أبي طالب (2008)، الهداية الى بلوغ النهاية (الطبعة 1)، الشارقة:مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية ، صفحة 974، جزء 2. بتصرّف.
  8. صديق حسن خان (1992)، فتح البيان في مقاصد القرآن، بيروت:المكتبة العصرية للطباعة والنشر، صفحة 202، جزء 2. بتصرّف.
  9. صديق حسن خان (1992)، فتح البيان في مقاصد القرآن، بيروت:المكتبة العصرية، صفحة 203، جزء 2. بتصرّف.
  10. محمد نصر الدين عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 319-324، جزء 8. بتصرّف.
  11. سورة المزمل، آية:20
  12. سورة آل عمران ، آية:135
  13. سورة نوح، آية:10-12
  14. سورة النمل، آية:46
  15. سورة الأنفال، آية:33