كيفية الذكر في المسبحة

السّبحة أو المسبحة هي سلسلةٌ من الخرز يستخدمها المسلم حتى تُعينه على الذِّكر، وأغلب المسابح الموجودة حالياً تتكوّن من 33 حبة، أو 99 حبة يفصل بين كل 33 منها بفاصل لتُعين المسلم على تقسيم التسبيح إذا أراد ذلك.


ولا يُشترط استخدام المسبحة بطريقةٍ معيَّنةٍ دون غيرها، إذْ يُشرع للمسلم أن يذكر الله -تعالى- كيف شاء، فهي فقط وسيلةٌ تُعين على الذكر وتقسيمه وعدّه، مع أهمية الانتباه إلى معاني الأذكار، واستشعار تعظيم الله -سبحانه- أثناء ذكره، ويُمكن ذكر الله -تعالى- بالمسبحة كما يأتي:


الاستغفار

يُمكن للمسلم أن يُسبّح الله -تعالى- بالإكثار من الاستغفار، وللاستغفار أكثر من صيغة، فيُمكن للمسلم أن يقول: "أستغفر الله" مع كلّ تسبيحةٍ في المسبحة، ويُكرّر ذلك قدر ما يستطيع، أو يقول: "أستغفر الله العظيم وأتوب إليه"، أو: "أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه"، والأمر في ذلك واسع.


الباقيات الصالحات

الباقيات الصالحات هي قول: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"، ويُمكن للمسلم أن يُسبّح الله -تعالى- بها بشكلٍ متتابعٍ في نفس السُّبحة، أو يُسبّح بكلّ تسبيحةٍ منها بشكلٍ منفرد، فبعد أن يُنهي على سبحته: "سبحان الله"؛ يفعل مثل ذلك في التسبيحات الأخرى، فلا يُشترط التزام طريقةٍ معيّنة.


قال -تعالى-: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا)،[١] وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَرَّ به وهو يَغرِسُ غَرسًا، فقالَ: ما تَصنعُ يا أبا هُريرةَ؟ قالَ: أَغرِسُ غَرسًا. فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ألا أَدلُّكَ على غَرسٍ خيرٌ لكَ منه؟ قلتُ: ما هو؟ قالَ: سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أَكبرُ؛ يُغرَسُ لكَ بكُلِّ واحدةٍ شجرةٌ).[٢]


لا إله إلا الله وحده لا شريك له...

ثبت في الحديث أنّ قول: "لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ" مئة مرة له فضائل عظيمة جداً، ويُمكن للمسلم أن يُكرّر هذا الذكر بالسّبحة إذا كان عدد حبّاتها 99 ويزيد واحدة، أو يقوله 33 مرة في السبحة الأقل ويُكرّر ذلك 3 مرات، ثمّ يزيد واحدةً في تمام المئة.


وفضل هذا الذّكر بهذا العدد ثابتٌ في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن قالَ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، في يَومٍ مِائَةَ مَرَّةٍ؛ كَانَتْ له عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ له مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عنْه مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ له حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَومَهُ ذلكَ حتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ ممَّا جَاءَ به، إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِن ذلكَ).[٣]


التسبيح بعد الصلاة

ثبت في السنة أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال عن أذكار الصلاة: (مَن سَبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، وقالَ: تَمامَ المِئَةِ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ).[٤]


تسبيحات أخرى

من الأذكار والتسبيحات الأخرى التي يُمكن للمسلم أن يُسبّح الله -تعالى- بها بالسُّبحة:

  • سبحان الله وبحمده

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن قال: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِائَةَ مَرَّةٍ؛ حُطَّتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ).[٥]


  • سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كَلِمَتانِ خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ، ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ، حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ: سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ).[٦]


مشروعية التسبيح بالسبحة

التسبيح بالمسبحة جائزٌ ولا حرج فيه، لأنّها -كما أسلفنا- وسيلةٌ تُعين المسلم على الذكر،[٧] ولا شكّ أن التسبيح بالأصابع أفضل؛ اقتداءً بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، لأنّه كان يفعل ذلك، ولأنّ الأصابع تشهد لصاحبها يوم القيامة، وقد حثّ النبيّ الكريم على عقد الأنامل بالتسبيح؛ لأنّهنّ مستنطقات يوم القيامة.


ولكن هذا لا يعني أن التسبيح بالسّبحة غير مشروع، حيث نُقِل عن العديد من الصحابة الكِرام أنّهم كانوا يُسبّحون الله -تعالى- بالنّوى والحصى وسيلةً لضبط العدد، ورآهم النبي الكريم ولم ينهَهُم عن ذلك، وسبّحت بالنّوى أيضاً إحدى أمّهات المؤمنين في حديثٍ ثابت، وأقرّها النبي الكريم، والسّبحة مثل النّوى.[٧]


ولم يلزم الشرع المسلمين باختيار طريقةٍ معيّنة لا يجوز غيرها في التسبيح، بل الأمر في ذلك متروكٌ لعرف النّاس وعاداتهم، إذ إنّ الإسلام لا يمنع إلا ما كان مخالفاً للسنة وللنصوص الشرعية، ولم ينهَ النبي الكريم عن التسبيح بالحصى والنوى، بل أقرّه.[٨]

المراجع

  1. سورة الكهف، آية:46
  2. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1911، صحيح الإسناد وله شاهد.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2691، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:597، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6405، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6406، صحيح.
  7. ^ أ ب الشيخ فريح البهلال، "عد التسبيح بالمسبحة"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 7/8/2023. بتصرّف.
  8. "استخدام السبحة في الذكر"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 7/8/2023. بتصرّف.